جامعة وهران 2 كلية العلوم االجتماعية قسم علم النفس وعلوم التربية واألرطوفونيا أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في علم النفس العيادي و المرضي

Transkript

1 جامعة وهران 2 كلية العلوم االجتماعية قسم علم النفس وعلوم التربية واألرطوفونيا أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في علم النفس العيادي و المرضي من إعداد : أمال غزال تحت إشراف :الدكتور حسين فسيان أعضاء لجنة المناقشة بن شهيدة أحمد فسيان حسين بشالغم يحي أبي مولود عبد الفتاح حدبي محمد بن أحمد قويدر أستاذ أستاذ محاضر أستاذ أستاذ محاضر أستاذ محاضر أستاذ محاضر أ جامعة وهران 2 جامعة وهران 2 جامعة تلمسان جامعة ورقلة جامعة وهران 2 جامعة مستغانم رئيسا مقررا مناقشا مناقشا مناقشا مناقشا أ أ أ السنة الجامعية

2 ملخص البحث دراسة سيكوباثولوجية للفتيات المحاوالت لالنتحار في حالة الفشل العاطفي من إعداد : أمال غزال تحت إشراف الدكتور: حسين فسيان الكلمات المفتاحية االنتحار المحاولة االنتحارية الموضوع العالقة بالموضوع الحب التبعية العاطفية مشروع الحياة. اإلشكالية ترتكز إشكالية البحث على الوقوف على طبيعة التوظيف النفسي المسجل عند الفتيات ومعرفة ما إذا كانت المحاولة االنتحارية تعبير عن اضطراب يمس التنظيم الشخصية ويساهم في ظهور هذا النوع من السلوك وتبني هذا األخير كوسيلة هروبية دفاعية تحاول من خاللها الفتيات إيجاد مخرج للتنفيس عن الذات ويبقى سلوك يميزها عن ما هو شائع وظاهر عند الذكور في أساليب سلوكية متنوعة وما أخذ تفكيرنا أكثر لماذا بعد فشل العالقة العاطفية تمر الفتاة مباشرة إلى المحاولة االنتحارية وبالتالي نريد معرفة هل التعلق باألخر يحمل دالالت الشعورية أدت إلى عدم القدرة على تفريق الموضوع المحب وهل لهذه الدالالت الالشعورية معاني اجتماعية ونفسية في تصور الفتاة لعالقتها باألخر فالعاطفة ارتبطت بتأثير توظيفات الموضوع وهذه األخيرة أ

3 ارتبطت هي األخرى بعوامل داخلية متعددة ساهمت في ظهور هذا النوع من الحب وبقاء الفتيات في تبعية لألخر المحب. و على هذا األساس تم طرح التساؤل التالي : ما هو الرابط يبن المحاولة االنتحارية والتبعية للحب ( العاطفية ) فرضية البحث : تمثلت فرضية البحث في ثالثة فرضيات حاولنا من خاللها اإلجابة على سؤال البحث المطروح. الفرضية األولى : التبعية للحب مرتبطة بنقص في موضوع الحب األولي واللجوء إلى المحاولة االنتحارية خوفا من فقدان موضوع الحب. الفرضية الثانية: المحاولة االنتحارية تعبير عن فقدان مفاجئ لمشروع الحياة. الفرضية الثالثة : المحاولة االنتحارية تعبير عن نداء لطلب استرجاع الموضوع المحب. منهجية البحث وسائل البحث: للقيام بهذه الدراسة ارتكزنا على دراسة الحالة القائمة على المقابلة العيادية الموجهة والنصف الموجهة إضافة إلى فحص الهيئة العقلية واالختبار االسقاطي المتمثل في اختبار الروشاخ. عينة البحث: اختيارنا للحاالت لم يكن بطريقة عشوائية بل كانت مقصودة من حيث الجنس اقتصرنا على الفتيات فقط وهذا نظرا الرتفاع عدد المحاوالت االنتحارية عند هذه الفئة وذلك باالرتكاز على نتائج اإلحصائيات المسجلة أما السن اقتصرنا فقط على الفئة من سنة وهي الفئة التي عرفت أكبر عدد من المحاوالت االنتحارية وهذا ما ظهر من خالل اإلحصائيات كما تم إقصاء كل الحاالت التي تعاني من أمراض عقلية. ب

4 النتائج تبقى التبعية لألخر تمثل نقص في موضوع الحب األولي واللجوء إلى هذه العالقة بحثا عن اإلشباع وتجارب الخبرات األولية السابقة ورغبة في إيجاد ما هو مفقود. فقدان الموضوع أدى إلى فقدان األنا عند الحاالت وبالتالي فالمحاولة االنتحارية كانت كرغبة في معاقبة جزء من الذات الذي يمثل لها األخر المحب حياة داخلية هشة وعدم وجود انسجام بين الحاجات واستجابات المحيط وبالتالي عدم القدرة على التمييز بين الموضوع واألنا. الحالة العاطفية ( الحب ) تعاش كتفريق يتخطى الحدود بين الذات واألخر ترجم لنا هذا التعلق القوي باألخر عن وجود نقائص وحاجات غير مشبعة. وبالتالي فاألخر كان بمثابة تعويض واكتمال لذلك و العالقة بالطرف األخر لم تؤسس في إطار البحث عن التكامل واالنسجام واالستقرار العاطفي وإنما هذا النوع من الحب يبنى على النقائص ويبقى األخر هو المرمم لسد الثغرات وملئ الفجوات. المحاولة االنتحارية لهذه الحاالت المدروسة سجلت في إطار التوظيف النفسي البيني وهذه الدراسة أسفرت عن وجود آليات دفاعية بدائية منها االنشطار االكتئاب ناتج عن قلق التفريق وفقدان الموضوع المحب التبعية للحب ارتبطت بمواضيع الطفولة المبكرة الغير مشبعة وعبرت عن ذلك بالحاجة الماسة إلى السند واالنتقال إلى الفعل كشف لنا عن وجود نزعة نزوية تدميرية في عقاب فقدان األخر. ج

5 اإلهداء أهدي هذا العمل إلى الوالدين الكريمين حفظهما هللا كما أهديه إلى كل إخوتي وأخواتي دون استثناء إلى أسرتي الصغيرة وإلى كل باحث يسعى جاهدا وراء تحقيق المعرفة د

6 كلمة الشكر أتقدم بشكري الحار إلى األستاذ الدكتور حسين فسيان الذي وجهني أحسن توجيه ومدى لي يد المساعدة وساهم بإخالص في دعمي وتشجيعه لي في إنجاز هذا البحث. كما أشكر Benoit Verdon البروفسور من جامعة فرنسا روني ديكارت بمخبر علم النفس العيادي وعلم النفس المرضي على تدعيمه و توجهاته القيمة في صلب الموضوع وأشكر كل من مدني بالمساعدة في مصلحة االستعجاالت الطبية ومصلحة الجراحة العامة بالمستشفى الجامعي لوالية وهران. أشكر كل الحاالت التي عملت معها والتي من خاللها تم انجاز هذا البحث. وإلى األساتذة األفاضل أعضاء لجنة المناقشة ه

7 قائمة المحتويات ملخص البحث... االهداء... كلمة الشكر... قائمة المحتويات... قائمة الجداول واألشكال... مقدمة... أ د ه و ن 5 الفصل األول " تقديم البحث " اإلشكالية....0 الفرضية هدف البحث اإلطار النظري تحديد المصطلحات إجرائيا االنتحار المحاولة االنتحارية الموضوع العالقة بالموضوع الحب التبعية في العالقة العاطفية مشروع الحياة... و

8 الفصل الثاني "االنتحار والمحاولة االنتحارية " تاريخ وتعريف االنتحار والمحاولة االنتحارية االنتحار المحاولة االنتحارية األفكار االنتحارية السلوكات االنتحارية الجرح الذاتي األزمة االنتحارية السيرورة االنتحارية... 3.الفرق بين االنتحار والمحاولة االنتحارية االنتحار وعلم النفس المرضي االنتحار والبنيات العصابية االنتحار والبنيات الذهانية االنتحار والتنظيمات البينية المقاربات المفسرة للسلوك االنتحاري المقاربة الدينية المقاربة االجتماعية المقاربة النفسية المقاربة التحليلية... 1.العوامل األساسية المساهمة في االنتحار العوامل النفسية... ز

9 العوامل االجتماعية... 7.الدراسات السابقة حول االنتحار والمحاولة االنتحارية الدراسة اإلحصائية... الفصل الثالث " الحب والعالقة العاطفية " إشكالية الحب الحب لغة مفهوم الحب النماذج المختلفة للحب... 1.العالقة العاطفية... 1.الروابط المختلفة للعاطفة التعلق سلوكات العناية الجنسية... 7.اإلدمان العاطفي التبعية في العالقة العاطفية التبعية لألخر التعقب القهري مع عدة رفقاء التثبيت القهري على رفيق يتعذر الحصول عليه... 1.اإلدمان الجنسي الشذوذ الجنسي... ح

10 اإلدمان الجنسي الغير شاذ... 9.الحب العاطفة االنفعال... الفصل الرابع " النرجسية والعالقة بالموضوع" النرجسية النرجسية في أعمال... S.Freud 1-0. الطاقة الليبيدية لألنا الغلمة الذاتية النرجسية واختيار الموضوع التوجه الليبيدي :الكبث والمثالية مثالية األنا أصل االنحراف :النكوص النرجسي األنا النرجسي وأنا اللذة : مسار النزوات النرجسية تقمص نرجسي النرجسية بعد أعمال... S.Freud 4. النرجسية العادية والنرجسية المرضية :نرجسية الحياة ونرجسية الموت النرجسية وعلم النفس المرضي النرجسية والعصابات النرجسية والذهانات النرجسية والتنظيمات البينية االنسحاب الليبيدو والحب النرجسي المثالية النرجسية واالكتئاب....1 الموضوع... ط

11 عالقة الموضوع اختيار الموضوع اختيار الموضوع باالستناد اختيار الموضوع النرجسي مراحل تكوين الموضوع ميتاسيكولوجيا الفقدان مسار نزوات الفقدان أالم الفقدان... " الفصل الخامس " االجراءات المنهجية مخطط المقاربة لمنهجية البحث المنهج العيادي دراسة الحالة وسائل البحث المقابلة العيادية المالحظة فحص الهيئة العقلي االختبارات االسقاطية اختبار الروشاخ تطبيق اختبار الروشاخ المحتوى الكامن للوحات الروشاخ... ي

12 اختيار عينة البحث تحليل المعطيات... " الفصل السادس " تقديم الحاالت العيادية الحالة األولى " حفصة " بروتوكول الروشاخ للحالة األولى " حفصة " تحليل بروتوكول الروشاخ تحليل لوحات الروشاخ ملخص بروتوكول الروشاخ الحالة الثانية " حنان " بروتوكول الروشاخ للحالة الثانية " حنان " تحليل بروتوكول الروشاخ تحليل لوحات الروشاخ ملخص بروتوكول الروشاخ 3.الحالة الثالثة " سميرة " بروتوكول الروشاخ للحالة الثالثة "سميرة " تحليل بروتوكول الروشاخ تحليل لوحات الروشاخ... ك

13 ملخص بروتوكول الروشاخ 4.الحالة الرابعة " إكرام " بروتوكول الروشاخ للحالة الرابعة "إكرام " تحليل بروتوكول الروشاخ تحليل لوحات الروشاخ ملخص بروتوكول الروشاخ الحالة الخامسة " أمينة " بروتوكول الروشاخ للحالة الخامسة " أمينة " تحليل بروتوكول الروشاخ تحليل لوحات الروشاخ ملخص بروتوكول الروشاخ... 1.الحالة السادسة " أحالم " بروتوكول الروشاخ للحالة السادسة " أحالم " تحليل بروتوكول الروشاخ تحليل لوحات الروشاخ ملخص بروتوكول الروشاخ 7.الحالة السابعة " منال " بروتوكول الروشاخ للحالة السابعة " منال " تحليل بروتوكول الروشاخ تحليل لوحات الروشاخ... ل

14 ملخص بروتوكول الروشاخ... " الفصل الساب ع " تفسير ومناقشة الفرضيات 010 مناقشة وتفسير... النتائج خاتمة البحث... المراجع المالحق... م

15 قائمة الجداول الرقم عنوان الجدول توزيع الحاالت المحاولة لالنتحار حسب الجنس )الذكور واإلناث( توزيع الحاالت المحاولة لالنتحار حسب الفئات عند اإلناث توزيع الحاالت المحاولة لالنتحار حسب الشهر السنة والجنس الصفحة قائم ة األشكال الرقم األشكال رسم باألعمدة يبين النسب التفاوت بين الذكور واإلناث رسم باألعمدة يبين نسب تفاوت الفئات عند اإلناث رسم باألعمدة يبين اختالف تسجيل المحاوالت االنتحارية من شهر ألخر ( الذكور واإلناث( الرسم الدائري يبين المحاولة االنتحارية عند الذكور واإلناث الصفحة ن

16 مقدمة بدأت اهتماماتي بهذا الموضوع عندما أدركت فعال أن المحاولة االنتحارية في ارتفاع متزايد وخاصة عند فئة اإلناث مقارنة بفئة الذكور وبعد مراجعة اإلحصائيات بدأت في وضع االحتماالت التي يمكن أن تكون واردة وراء لجوء الفتيات إلى المحاولة االنتحارية وأردت من خالل ذلك معرفة الخلفية األساسية وراء لجوئهن إلى هذا السلوك فإذا كان الذكور هدفهم هو الموت الفعلي للتخلص النهائي من الذات أمام كل الصعوبات والعراقيل التي تتصدى طريقهم وهذا يرجع إلى العديد من الدراسات التي تؤكد أهمية ذلك من خالل مرورهم العنيف إلى الفعل وأيضا الوسائل المستعملة للقيام بذلك. لكن المحاولة االنتحارية عند اإلناث عرفت مجرى أخر تمثل أساسا في وظيفة النداء لجلب اهتمام األخر وهذا األخر له مكانة وأهمية في حياة الفتيات كما نجده في نفس الوقت هو المشكل األساسي والمساهم في جعلهن يلجأن إلى هذا السلوك ألن ما هو موجود في المجتمع من حاالت تختلف وتتعدد األسباب لديهم مثل مشاكل أسرية مشاكل نفسية لكن تبقى الصادرة تحتلها المشاكل العاطفية لذلك نتساءل عن الحاالت األكثر تعرضا لهذا السلوك االنتحاري والتي تمثل فعليا هذه الشريحة هل األمر مقتصر على البنية النفسية وعلى طبيعة الحاالت فقط أو يمكن أن يكون سلوك اختياري اجتنابي تلجأ له الفتيات عوض اختيار وتتبع نوع أخرمن السلوكات المختلفة مثل اإلدمان على المخدرات الهروب من المنزل وهذا بهدف النسيان والتخلص من المعاناة. مفهوم االنتحار في المجتمع يختلف كل االختالف عن ما هو موجود في علم النفس وعلم االجتماع ألن المجتمع لديه أحكام معتقدات أفكار جماعية تعم كل الفكر البشري وتميز المجتمع عن األخر في هذا الصدد نسلط الضوء على الخصوصية الثقافية الجزائرية وما هو سائد في وسط المجتمع إذن يبقى هذا المفهوم يحمل معاني عديدة 1

17 ويخفي من وراءه أفكار كلها تعود بالسلب بصاحبها وخاصة الفتيات حتى كلمة انتحار مرفوضة وغير مسموح بها في المجتمع. فالجميع وخاصة أسر الحاالت المحاولة لالنتحار يقتصرون في الغالب على استعمال كلمة " خطأ "أي عن طريق الخطأ تناولت األدوية وهم بهذه الطريقة يحاولون إخفاء األمر وجعله فيما هو مقبول اجتماعيا تفاديا الرفض من الجماعة التي ينتمون إليها وحتى ال يصبحون على الهامش ويأخذون المعنى المتداول في الحاالت المشتبه بها والملقبة بطابوها من طابوهات المجتمع وبالرغم من ذلك تبقى المحاولة االنتحارية عند الفتيات موجودة وتفرض نفسها في ساحة المجتمع ( أنظر إلى اإلحصائيات ص 11( هذا ما يجعلنا نفكر في الوضعية المزرية التي وصلت إليها الفتيات جعلتها تختار هذا السلوك كمنفذ لمعاناتها. ما زاد من اهتمامنا هو لماذا االختيار لهذا السلوك ومع أنه موجود هل تبحث الفتاة من وراءه عن الموت الفعلي كحل أنسب للمعانات أو فقط تهديد الطرف األخر كوسيلة السترجاعه بعد فقدان اآلمل واليأس من المحاوالت التي لم تجدي نفعا أو يمكن استعماله كطريقة لنسيان المشاكل عن طريق النوم لفترات طويلة تحت تأثير األدوية أو فعال معاقبة الذات التي تعتبر ملك للفرد وحده وله حرية التصرف بها. لكن مهما كان األمر فالمحاولة االنتحارية وما تخفيه من دوافع تتعلق بالفتاة المنتحرة وتصورها لهذا السلوك يبقى ذلك يشكل خطر على حياتها النفسية والجسدية أكثر من أي شيء أخر والغريب في ذلك ال يوجد تخوف وقلق على الذات التي يمكن حتى عن طريق تهديد األخر ممكن أن يؤدي ذلك إلى التهلكة وإلى الموت الفعلي وهذا ما حدث مع البعض لكن يبقى الفرد على العموم يحمل بنية لشخصية معينة لها عالقة بصحته النفسية والتي تساهم بشتى الطرق إلى االتزان النفسي وهذا األخير يتطلب تكامل بين الجانب النفسي وما يحمله من عواطف انفعاالت وأحاسيس والجانب االجتماعي والمتمثل في التوافق واالنسجام في المجتمع. 2

18 فهو يبحث دائما عن االستقرار العاطفي والذي يترتب عن المواضيع الحب األولية والمساهمة في بناء شخصيته وأيضا تغذيتها بشكل كامل من حب أمان واطمئنان كما تعتبر العالقة األولية العادية التي تتكون بين اآلباء واألبناء أساسية وضرورية في ترسيخ العالقات المستقبلية. وعلى هذا األساس قمنا بتقسيم البحث إلى سبعة فصول أساسية: الفصل األول يتضمن تقديم البحث حيث نجد اإلشكالية و الفرضيات اإلطار النظري هدف البحث.وأهم المصطلحات التي تتضمن الموضوع. الفصل الثاني االنتحار والمحاولة االنتحارية يحتوي على تاريخ وتعريف االنتحار والمحاولة االنتحارية الدراسات السابقة للموضوع باإلضافة إلى مختلف النظريات المفسرة لهذا السلوك العوامل األساسية المساهمة في االنتحار والدراسة اإلحصائية. الفصل الثالث الحب والعالقة العاطفية خصص هذا الفصل لتحديد مفهوم الحب والعاطفة النماذج المختلفة للحب العالقة العاطفية الروابط المختلفة للحب اإلدمان العاطفي واإلدمان الجنسي الحب العاطفة واالنفعال. الفصل الرابع النرجسية والعالقة بالموضوع تضمن مفهوم النرجسية النرجسية والبنيات ( الذهانية العصابية الحاالت البينية ) وأيضا النرجسية المرضية والنرجسية العادية مفهوم الموضوع و العالقة بالموضوع ميتاسيكولوجيا الفقدان. الفصل الخامس شمل على اإلجراءات المنهجية المتعلقة بالدراسة منها تقنيات البحث عينة البحث تحليل المعطيات. الفصل السادس تم فيه عرض الدراسة العيادية لسبعة حاالت مع تحليل النتائج المتحصل عليها من المقابالت والمالحظات العيادية وتدعيم ذلك باختبار الروشاخ للوصول إلى فهم معمق عن التوظيف النفسي وأسباب المعاناة النفسية. الفصل السابع تحليل ومناقشة النتائج انطالقا من فرضيات البحث و محاولة تفسير أهم المؤشرات واألعراض الظاهرة عند الحاالت من منظور نفسي دينامكي. 3

19 الفصل األول "تقديم البحث " 1. اإلشكالية 2. الفرضية 0. هدف البحث 0. اإلطار النظري 5. تحديد المصطلحات إجرائيا 1-5. االنتحار 2-5. المحاولة االنتحاري ة 0-5. الموضوع 0-5. العالقة بالموضوع 5-5. الحب 6-5. التبعية في العالقة العاطفية 7-5. مشروع الحياة

20 1.اإلشكالية ما يهمنا في هذا البحث هو الوصول إلى الخلفية األساسية وراء لجوء الفتيات إلى المحاولة االنتحارية ومعرفة السبب و الداللة النفسية التي تدفع بهذه الحاالت إلى هذا النوع من السلوك والمتمثل في االنتقال إلى الفعل عن طريق المحاولة االنتحارية وهذا األخير يعتبر كعرض يخفي من وراءه عوامل عديدة منها نفسية اجتماعية كفقدان الموضوع خيبة أمل صراعات عائلية الفشل العاطفي أو عوامل مرضية متعلقة بالتنظيم الشخصية ويبقى هذا السلوك يشكل خطر ويهدد نفسية الحاالت مما يجعلنا نتساءل عن ما يحدث داخل نفسية المحاول لالنتحار وما هي الحالة النفسية التي وصلت إليها الفتيات جعلتها تتخذ من هذا السلوك حال لمعاناتها وآالمها واآلليات الدفاعية التي فقدت السيطرة و المقاومة أمام الوضعيات الصعبة وعدم القدرة على تجاوز الصراعات والتصدي لإلحباطات المختلفة وتبني المحاولة االنتحارية كوسيلة تعبيرية تعكس من خاللها الفتيات األلم النفسي والصورة السيئة عن الذات وفقدان الثقة باآلخرين. كما أن المحاولة االنتحارية في تزايد مستمر من شهر إلى أخر ومن سنة إلى أخرى وهذا باالستناد على اإلحصائيات المسجلة بمصلحة االستعجاالت الطبية لوالية وهران وأخذنا عشر سنوات األخيرة للدراسة من 0223 إلى 0250 حيث قدر العدد اإلجمالي لهذه السنوات ب 1150 حالة مسجلة هذا ما يبين لنا أنها ظاهرة نفسية اجتماعية ثقافية تعكس أهم التغيرات التي عرفها المجتمع حاليا والتي مست جميع األسر مع تفاوت في درجة االختالف ويبقى هذا األخير متعلق باختالف النماذج األسرية ونمط التربية. إال أن هذه التغيرات أدت إلى ظهور أشكال مختلفة من السلوكات تميزت عن ما كان عليه في السابق و هذا ما أدى إلى بروز صراعات نفسية تمثلت في من جهة الخضوع لقيم وتقاليد المجتمع ومن جهة أخرى مواجهة التغيرات من أفكار تصورات وحتى األدوار االجتماعية التي خصت الذكور واإلناث ومن خالل تحليل ما سجلناه من إحصائيات للسنوات السابقة الذكر وجدنا ارتفاع متزايد في عدد المحاوالت االنتحارية 5

21 لدى اإلناث مقارنة بالذكور ح ثي نجد 4054 حالة مسجلة عند اإلناث و 5091 حالة مسجلة عند الذكور. كما أن الفئة العمرية من سنة عرفت أكبر عدد من المحاوالت االنتحارية حتى االرتفاع سجل عند االناث يمكن أن يكون ذلك مرتبط باختيار اإلناث لهذا النوع من السلوك كما يمكن أن يعبر عن مكانتها داخل المجتمع الجزائري. ما نريد فهمه لماذا تتبنى الفتيات هذا النوع من السلوك وبالتالي لماذا المرور إلى الفعل االنتحاري حيث أسفرت دراستنا السابقة لمذكرة الماجستيرأ.غزال,) 0227 ( عن وجود صورة سيئة عن الذات ارتبطت بالتصدع النرجسي والهشاشة في الميكانزمات الدفاعية التي ساهمت في المرور إلى المحاولة االنتحارية. وما نسعى إلى توضيحه أكثر هو أن المحاولة االنتحارية عند الفتيات مرتبطة في الغالب بانقطاع في العالقة العاطفية وهذا ما التمسناه من خالل دراسة الحاالت حيث وجدنا معظمهن لجأن إلى هذا السلوك بعد انتهاء هذه العالقة أي بعد قدوم الطرف األخر على قطع هذه العالقة دون ترك مجال للرجوع من جديد و المرور إلى المحاولة االنتحارية يشير إلى أن هناك تعلق قوي باألخر يحمل دالالت الشعورية أدت إلى عدم القدرة على تفريق الموضوع المحب و على القيام بالحداد لكن ما يثير اهتمامنا وتفكرنا يجعلنا نطرح تسأل هل الدالالت الالشعورية تحمل معاني اجتماعية ونفسية بالنسبة للفتاة في تصورها لعالقتها باألخر. والتعلق القوي باألخر يشير إلى أن هناك تبعية للحب عند الفتاة أدت إلى ظهور نزوات عدائية على الذات تقول (68: 1987) Kristeva,.J "أحبه ولكن أكرهه أكثر و ألنني أحبه لعدم فقدنه أتبته في األنا ولكن ألنني أكرهه أنا أخر سيئ أنا سيئ أناال شيء أقتل نفسي". وهنا نتسأل عن األثار النفسية التي خلفتها هذه العالقة العاطفية وبالتالي فالسلوك االنتحاري غرضه قتل الذات أو القضاء على المعاناة وهل غرضه محي جزء من الذات المدرك كموضوع خارجي عدواني مجسد في الجسم. 6

22 كما يقول (68: 1983) Green, " A. ال نعتدي أبدا على الذات حتى عند قتل أحد هي جزء من الذات نقتله أو أن ندافع ضد الرغبة في قتل جزء من الذات". فعدم القدرة على تقبل فقدان موضوع الحب يشير إلى أن هناك تبعية للحب التي تلعب دورا هاما في مرور الفتيات إلى الفعل االنتحاري وعدم القدرة على التكيف وتحمل التغيرات الجديدة والتعود على التفريق. فالعاطفة في هذه الحالة ارتبطت بتأثير توظيفات الموضوع وهذه األخيرة ارتبطت هي األخرى بعوامل داخلية متعددة ساهمت في ظهور هذا النوع من الحب و إذا أخدنا العاطفة في االطار العادي فهي تغذي الذات لكن إذا كان هناك إفراط في توظيف الموضوع ونقص في التوظيف النرجسي هذا ما يجعلنا ندرج ذلك في اإلطار النفسي الباثولوجي. و من خالل األسئلة المطروحة سابقا قمنا بجمعها في التساؤل التالي : ما هو الرابط يبن المحاولة االنتحارية والتبعية للحب ( العاطفية ) Quel est le lien entre la tentative de suicide et la dépendance amoureuse? 2.الفرضيات الفرضية األولى : التبعية للحب مرتبطة بنقص في موضوع الحب األولي واللجوء إلى المحاولة االنتحارية خوفا من فقدان موضوع الحب. الفرضية الثانية: المحاولة االنتحارية تعبير عن فقدان مفاجئ لمشروع الحياة. الفرضية الثالثة : المحاولة االنتحارية تعبير عن نداء لطلب استرجاع الموضوع المحب. 7

23 3.هدف البحث إن المحاولة االنتحارية أصبحت سلوك معتمد من طرف اإلناث أكثر من الذكور رغم أن هذا المفهوم يشكل في حد ذاته مشكل أساسي لفئة اإلناث وغير مأخوذ بعين االعتبار من طرف المجتمع حيث تبقى مكانة الفتيات في المجتمع وخاصة المجتمع الجزائري تأخذ حيز ضيق من االهتمامات واالنشغاالت داخل الوسط األسري وهذا على غرار ما يكون من نصيب للذكور ألنه مهما كانت سلوكات الذكور ومهما تعددت كاإلدمان على المخدرات المحاولة االنتحارية... كلها ال تشكل له إحراج بقدر ما تشكل له مشكل يعود بالسلب على صحته لكن فكرة إقدام الفتيات على المحاولة االنتحارية تبقى فكرة غير مقبولة في وسط المجتمع وخاصة أسر المحاول لالنتحار فهذا السلوك رغم التغيرات التي عرفها المجتمع والتي مست جميع األسر بمختلف أشكالها إال أنه ال يزال يحمل من وراءه عدة احتماالت تبقى ورادة وإن لم تكن فعال موجودة وفي هذا الصدد نجد أيضا رغم أهمية المشكل وما يطرحه على ساحة المجتمع بصفة عامة إال أن تزايد المحاولة االنتحارية عند اإلناث في ارتفاع وهذا ما يجعلنا نفكر حقيقة في معاناة وأالم الحاالت والوضعية المزرية التي وصلت إليها جعلتها مكتئبة لدرجة أنها تقوم بمحاولة انتحارية هل تبحث حقيقة من وراء هذا السلوك عن الموت الفعلي أو أنها تبحث عن حل لهذه األزمة التي تمر بها. وأيضا ما لفت انتباهنا وهو ما استنتجنه من خالل دراسة التاريخ النفسي واالجتماعي لمختلف الحاالت التي لجأت إلى المحاولة االنتحارية والتي كانت متكررة عند البعض فاألغلبية من الحاالت قامت بذلك بعض الفشل العاطفي أي عدم قدرة الفتيات على ترك األخر وبناء عالقة جديدة والغريب في األمر أنها تلجأ مباشرة إلى المحاولة االنتحارية بعد القرار الذي يأخذه الطرف األخر وهذا ما جعلنا نأخذ هذه الفئة من الحاالت لتكون محل الدراسة العيادية وذلك بهدف الوصول إلى الخلفية األساسية وراء هذا السلوك محاولين معرفة ماهو الرابط بين المحاولة االنتحارية والتبعية للحب ( العاطفية ) 8

24 0.اإلطار النظري هناك العديد من العلماء الذين اهتموا بتفسير السلوك االنتحاري ومعرفة السبب الرئيسي الذي يدفع بهذه الحاالت إلى االنتقال إلى الفعل االندفاعي التهديمي وهذا ما يعبر عن أن هذه الحاالت تتواجد في عوز وضيق وتعيش معاناة نفسية حادة تؤدي بها في األخير إلى االعتداء على الذات.وتبقى وجهة نظر المحللين النفسانيين في االرتكاز على الجانب النفسي الذي يلعب دورا هاما في اضطراب تنظيم الشخصية ويجعلها تسير في االتجاه المعاكس وذلك ما يظهر في عدم القدرة على التكيف والمسايرة للواقع العالم الخارجي وهكذا برزت أعمال العديد من الباحثين في هذا المجال.,)5931( K.A. Menninger ير ى أن االنتحار يمنح اإلرضاء لثالثة رغبات: الرغبة في القتل الرغبة أن يكون مقتوال والرغبة في الموت. أوال الرغبة في القتل: ففي التحليل النفسي االنتحار والعدوانية مرتبطين وما يريد توضيحه هو المشكل الذي يدفع إلى تواجد عند الفرد نزوة عنف متناقضة في نفسيته فهذه العدوانية في األصل تتوجه ضد الوالدين تستطيع أن ترجع ضد الفرد وتقوده إلى تهديم ذاتي وهذه الرغبة في قتل صورة ذاته التي ترتبط بمرحلة سادية الفمية للطفل المرحلة أين الموضوع المحب ال يستطيع أن يكون محب دون أن يكون محطم. ثانيا الرغبة في أن يكون مقتوال: في التشويه الذاتي الذي يرافق مسبقا بعض االنتحارات نستطيع رؤية آثار الشعور بالذنب الالشعوري االنتحار في هذه الحالة هو عقاب لفقدان التقدير وهذه الرغبة في أن يكون مقتوال تجعل األنا ضعيف وهذا من خالل األنا األعلى المتصلب والمتشدد الذي يمارس فعل قمع ومنع على األنا. ثالثا الرغبة في الموت: فمن خالل هذه األخيرة تكون رغبة المنتحرين في البحث عن حالة الهناء التام الرفاهية وراحة عميقة وإرضاء كما هو الحال في النوم وبالرجوع إلى بعض تطورات S.Freud إلى الرغبة في الرجوع إلى حالة غير عضوية L norganique غياب التوتر والضبط ومرات تزدوج الرغبة في تجدد أو تولد جديد كاعتقاد الفرد بالحياة ثانية. 9

25 ,)5991( R.E. Litman أشار إلى أن االنتحار يرجع إلى األمومة القبل تناسلية وهذا باالرتكاز على مالحظات S.Freud التي أرجع االنتحار إلى العدوانية األوديبية وعلى هذا ركز R.E. Litman على داللة وأهمية النكوص في التقمص النرجسي المحتفظ بقوة في العالقة التكافلية مع الموضوع األولي األم أو البديل دون أن ننسى أن ديناميكية النكوص تكو ن عمل الحداد الذي يقوده إلى تشكيل هنا فرضية أن االنتحار هو نتيجة عدم القدرة على عمل الحداد وخصوصا إفالس السيرورة المبكرة للحداد النرجسي. وهكذا رجع R.E. Litman إلى ربط االنتحار بأهمية فقدان الموضوع وإلى التقمص المتناقض معه ومن بين اآلليات الهامة التي أشار إليها على أنها تستحضر في كل انتحار وظهور اثنين منها يؤدي إلى هذا المعنى تصدع الوسائل الدفاعية فقدان الموضوع المحب الحداد الجرح النرجسي وعاطفة منطوية انشطار اآلنا. االنتحار الذي يرجع إلى تقمص محب و متوفى وهي أفكار تمسك بها Zilboorg..G,( ) : حيث أكد "على أن هذا التقمص لشخص قريب متوفى منذ الطفولة خصوصية مرضية يمكن أن تؤدي إلى االنتحار عند بقائها في فترة عقدة أوديب تخطيطيا توجه نحو 1 سنوات أين نجد فترة البلوغ". وفي نص آخر,)5931(.G Zilboorg ركز على فعل موت أحد اآلباء األخ األخت خالل فترة التكوين 1-4 سنوات حتى إلى البلوغ يؤدي إلى تهيئة االنهيار االنتحاري والسيرورة السيكولوجية األساسية التي تظهر هنا لتقمص شخص متوفي لكن استهاميا الذي يضع فعل النكوص إلى السابق أين ينتحر مع موت المحبوب كما نجد أيضا تأكيد Zilboorg..G, ( ) : على أن النزوة االنتحارية على غرار فهمه لغريزة الموت وإعطاءه أهمية للداللة السيكولوجية لالنتحار. يبقى األفراد الذين يعشون تقمص شخص متوفي وهذه السيرورة التقمصية سواء كانت في الطفولة أو المراهقة وفي الماضي أين الشخص المستدخل وهو في الواقع متوفي هم األشخاص األكثر إقباال على االنتحار. 10

26 M.Klein استندت على أعمال S.Freud وجاءت بموقفين أساسين في تطوير الطفل الموقف الفصامي برانويدي والموقف االنهياري وهذا األخير هو األساس في نظريتها ومهم في فهم االنتحار. فبالنسبة ل,)5934( M.Klein الموضوع الجزئي هو موضوع أين الفرد منقوص لبعض الوظائف النموذج األصلي للموضوع الجزئي هو الثدي مدرك كمجموع االهتمام األم المسرفة مع الطفل جسديا وأيضا عاطفيا وظيفة الموضوع إذا هي إدخال ألن الطفل ال يدرك إال المواضيع الجزئية وال يرى إال جزء من الموضوع إذ أنه ال يزال غير قادر على ضبط وإدراك الموضوع في كليته والمواضيع بالنسبة له منشطرة وانطالقا من وظائفها تارة تكون مرضية متكافئة وتارة تكون محبطة سواء الموضوع كان طيب أو سيء فالطفل يحاول اجتياف األول إلى الداخل وإسقاط الثاني إلى الخارج واالنتقال إلى الموضوع الكلي يثبت عندما يصبح يدرك أن الموضوع المحب هو نفسه الموضوع الكره. ونحو الشهر الرابع الطفل يدخل شيئا فشيئا في الموقف االنهياري مع البقاء في الوضع إلى غاية السنة األولى مع االنتقال العالقات المواضيع الجزئية إلى العالقات المواضيع الكلية فبالنسبة لها هذا التطور يرجع إلى نضج نيرو بسيكولوجي معرفي وإلى الخبرات المتصلة بالمحيط إذن الطفل يصبح باستطاعته إدراك مواضيع طيبة وسيئة بالمرة التي كانت منشطرة في السابق الطفل يبدأ في إدراك اإلحساسات الطيبة والسيئة ال تأتي من ثدي طيب أو سيء أو من أم طيبة أو سيئة لكن من نفس األم المصدر في نفس الوقت لما هو طيب وما هو سيء. وعند اعتباره مرة واحدة المواضيع كلية هذا يدل على بناء كلي لألنا وهي الفترة التي يميز فيها ما بين الذات وغير الذات. هذا الموقف االنهياري يمكن أن يكون مصمم كما هو في التناقض بحيث أنه أحدث تشوش النزوات العدوانية والنزوات الليبيدية القلق يلجأ إلى تغير طبيعته في نفس الوقت الذي يتغير فيه طبيعة الموضوع القلق البارانويدي يصبح انهياري بحيث يميز المواضيع الخارجية فالطفل باستطاعته فقدانه أين نجد قلق فقدان الموضوع ولمواجهة هذا القلق يضع اآلليات الدفاعية الترميم الخيالي للموضوع المحب المضر والدفاعات الهواسية التي تسمح للطفل بالدفاع عن التبعية للموضوع وحماية اإلحساسات المتناقضة والمذنبة. 11

27 بالنسبة ل M.Klein,) 5934 (الموقف االنهياري ضرورة لوضع الدفاعات الهواسية والترميم كف العدوانية متصل بضعف الصادية وأخيرا توسيع العالقات بالمواضيع عن طريق التنشئة االجتماعية ومرات عديدة تؤكد فيها على أن الموقف االنهياري ال نستطيع تجاوزه كلية ألن تعين أو رسم اتجاه الحياة مرتبط بمختلف الحدادات التي يمكن أن تقوم بتنشيط هذا الموقف. وبالتالي M.Klein ترى أن من خالل االنتحار األنا يبحث على قتل المواضيع السيئة واالحتفاظ بالمواضيع الحب سواء كانت داخلية أو خارجية االنتحار يسمح لألنا بالتوحيد مع مواضيع الحب المواضيع الطيبة تستدخل إلى حد تقمصها إلى أن تصبح العالقات مع العالم الخارجي محطمة. يرى,)5931(.S Freud أن كل إنسان يولد بغريزتين أساسيتين الغريزة األولى وهي مجموعة من القوة الالزمة لحفظ الحياة والتي أطلق عليه مصطلح "غرائز الحب أوالحياة" أما الغريزة الثانية وهي مجموعة من القوة المتضادة التي تدفع للعدوان والتدمير والموت أساسا والمصطلح الذي يعبر عن الغرائز هو "غرائز الموت". وحسب هذه النظرية وتناولها تشير إلى وجود نقطتين متصلتين بطبيعة اإلنسان وما تراه هو أن ليس هناك تعرض للميول االجتماعية أو التعاون أو اإلبداع أو حتى الضمير أو الوعي بل إنها تتضمن العدوان بالذات ولو اجتمعت هذه النقاط فإنها تعبر عن حيوان أناني في جوهرها معتن بذاته وحاجاته وغير مهيأ للعيش مع اآلخرين. كما يرى.S Freud أن موضوع "الغريزة" يمكن أن يتغير وليس هناك نهاية للغرائز وهذا من خالل توفير مناشط للتنفيس المناسب بكيفية التكفل وعدم اإللحاق األذى باآلخر كما نجد أن غرائز الحياة والموت كليتهما تؤدي إلى توليد التوتر إال أن غريزة الحب تكون أقوى من غريزة الموت ولكن إذا ما أغلق باب التنفيس في وجه العدوان بطريقة متسقة فقد يحيل األمر إلى حد تتغلب فيه قوى التدمير وتؤدي إلى االنتحار. كما يؤكد.S Freud على أن عمل غريزة الموت قاصرا على الداخل فهي تظل صامتة والتفطن إليها يكون فقط حينما يتجه إلى الخارج وتصبح غريزة هدم وعندما يبدأ األنا األعلى في التكوين يثبت قدر كبير من غريزة العدوان داخل األنا بحيث يعمل 12

28 بطريقة تؤدي إلى فناء النفس أي أنها تتجه إلى الذات فتعمل على تحطيمها بوسائل مختلفة منها الشعور بالذنب وتأنيب الضمير وهذا هو أحد األخطار التي تهدد الص حة وقمع مشاعر العدوان على العموم مضر للص حة ومسبب للمرض وغالبا ما يبين الشخص الذي يتملكه الغضب كيف يحدث االنتقال من حالة العدوان المكبوت إلى حالة إفناء النفس وذلك بتوجيه عدوانية إلى نفسه كقطع شعره أو لطم وجهه بقبضة يديه وهي أعمال كان يفضل توجهيها إلى شخص آخر ويظل جزء من غريزة إفناء النفس.,)5957( S.Freud في مقالته "الحداد والسويداء" التي بقيت المصدر إلى وقتنا الحالي حيث يرى أن اإلحساس باالكتئاب مرتبط بفقدان الموضوع جسديا أو هواميا وفي الغالب يكون شخصا ففي الحداد الفرد يحاول تفكيك الروابط المحتفظ بها اتجاه الموضوع وهذا لكي يستطع إقامة روابط أخرى مع مواضيع أخرى. ولفهم السيرورة االنتحارية اتخذ S.Freud السويداء التي تخضع لكره الموضوع المفقود وتنتهي في األخير بكره الذات نفسها معنى ذلك انقالب النزوات العدوانية ضد الذات وبالتالي الفعل االنتحاري يأتي نتيجة اإلحساس بالكره والبغض لجزء من الذات نفسها األنا األعلى أصبح مدان والجزء اآلخر من األنا يوضع تحت العقاب وهذا ما يزيد من خطورة الوضع وهكذا يبقى تفكير S.Freud على أن األشخاص في فترة الحداد تكون رغبتهم موج هة نحو الموت للحصول على موضوع الحب المفقود. تعبيرات,) ( S.Freud ربطت االنتحار بفقدان الموضوع المستثمر بقوة وبطريقة أكثر تناقضا مرة واحدة نجده في نص "حالة جنسية مثلية أنثوية".,E.S Sheindman ) 1999) يرى أن االنتحار أساس ظاهرة نفسية أكثر من النظر إليه من أوجه متعددة اجتماعيا فلسفيا إحصائيا أي فهم هذه الظاهرة يعود للحالة النفسية للفرد المنتحر وبرزت إسهاماته في قوله أن تقريبا جميع المنتحرين يشتركون في سبب واحد يتمثل في معاناة نفسية غير محتملة أمام هذه المعاناة القاسية يزداد نشاط البحث عن الموت من خالل توقف التدفق الملح لخبرة شعورية أكثر تألما. يضيف إل ذلك أن المعاناة النفسية ليست وحدها المسؤولة عن حدوث االنتحار وإنما يجب أن يكون إلى جانب ذلك ضغط سلبي اضطراب نفسي مسجل مع أفكار انتحارية 13

29 كحل لمشاكلهم وحسب E.S Sheindman انطالقا من هذه العناصر األربعة يمكننا فهم أغلبية المنتحرين. Le psymal هو المصطلح الذي جاء به E.S Sheindman لتوضيح المعاناة النفسية الغير محتملة والتي ظهرت تقريبا في جميع حاالت االنتحار واألفراد ال ينتحرون أبدا مقابل الفرح أو الحماس وإنما يموتون ألنهم تعساء ويعانون وعرف هذا المفهوم على النحو التالي " األلم القلق الندم المعاناة البؤس الذي يعذب الروح فالمعاناة الشديدة تحس بالكره الشعور بالذنب التحقير الوحدة الفقدان الحزن الخوف القاتل أين يكون الموت السيئ " Sheindman,E.S :157) (1999. ويبقى هذا المفهوم المتغير األكثر تقربا من االنتحار مقارنة بالمتغيرات السابقة التي درست إلى جانب االنتحار ( العدوانية غياب العالقة خيبة ألم االكتئاب الفقر العزلة االجتماعية ) وباإلضافة إلى ذلك نجد عدة أعمال أيضا برزت في مجال علم النفس التحليلي والتي كانت تهدف دائما إلى البحث عن ما يخفيه السلوك االنتحاري حيث نجد M.CH.Brunel( ) A.Haim, F.Dolto, X.Pommereau, وبإعطاء األهمية للعوامل النفسية المساهمة في الدفع إلى التهديم والموت وإلنجاز هذا البحث تبنينا المقاربة النفسية التحليلية القائمة على دراسة الحالة من أجل البحث عن الصراعات النفسية الداخلية الكامنة وهذا من خالل تحليل الدينامكية النفسية لمعرفة الخلفية األساسية وراء ظهور هذا النوع من السلوك المتمثل في التهديم واالعتداء على الذات في شكل محاولة انتحارية. أيضا االرتكاز على المقابالت العيادية المكثفة التي تهدف إلى اإلصغاء وفي نفس الوقت اإللمام بأهم الجوانب النفسية واالجتماعية للحاالت ألننا ال يمكن عزل الحاالت عن اآلخرين ألن االضطرابات سجلت من خالل الرفض وعدم القبول من طرف األخر ولهذا نريد معرفة نوعية العالقات المتواجدة سواء بين أفراد األسرة أو مع الطرف األخر المحب وهذا أيضا بغرض معرفة تاريخ وماضي الحالة من الطفولة المراهقة إلى غاية الوضع الحالي ومعرفة طبيعة العالقة بالمواضيع الحب األولية والتعرف على مختلف األحداث والصدمات للوصول في األخير إلى التركيبة النفسية والتوظيف النفسي 14

30 المسجل عند الحاالت ثم معرفة أصل المعاناة النفسية الحالية المعاشة والتي تشكل قلق كبير يجعلها غير قادرة على تقبل الذات. معرفة اإلطار التي سجلت فيه هذه العالقة العاطفية وما جلبته من فوائد للذات. 5. تحديد المصطلحات إجرائيا - 1.االنتحار 5 االنتحار يعرف حسب,) (".N Sillamy اعتداء شعوري وإرادي ضد الذات يؤدي إلى الموت".,H.Halbwachs ) 130: 1930) " يطلق على كل حاالت الموت ناتجة عن فعل قام به المنتحر مع النية أو الرغبة في قتل نفسه دون أن يكون ذلك تضحية".,) (".R Menahem إنه عند التحدث عن االنتحار بصفة عامة ال تبدو هناك مشكلة عندما تكون معاني هذا المصطلح كاآلتي إن الفرد الذي يغامر بحياته إراديا يؤهل إلى أن يكون محاول االنتحار أو منتحر". يرى,(05.E Durkheim 1897) : " أن االنتحار يشير إلى جميع حاالت الموت التي تكون نتيجة مباشرة أو غير مباشرة لفعل سلبي أو إيجابي قام به المنتحر نفسه وهو يعلم أنه سيؤدي إلى هذه النتيجة". بالنسبة ل,E.S Sheindman (104: 1980) "هو فعل شعوري إللغاء العقاب الذاتي أحسن فهمه كمعاناة متعدد األبعاد عند الشخص الموجود في ضيق ويبحث عن منفذ ويجد االنتحار كأحسن حل". J.Lacan في كتاب,) ( M.Bardet " يرى أن الفعل االنتحار يمنح للفرد إمكانية الخروج من االغتراب أي تحريره من الحديث الغير المحتمل الذي سجل فيه وبهذا الفعل فهو يكتمل ويستطع ثانية أن يبنى من جديد رمزيا ". في القرن التاسع S.Freud يرى أن السبب الرئيسي لالنتحار يعود إلى قرار الفرد في إرجاع النزوة العدائية ضد الذات فيعتبره المسؤول عن أفعاله. وما جاء في 15

31 مقاالته "الحداد و السويداء" سنة 5957 أن االنتحار هو شكل من أشكال العقاب الذاتي وهو رغبة موت مو جه نحو الغير تنقلب ضد الذات هذه النظرة ترى أن االنتحار فعل يهدف إلى قتل النفس تجنبا لقتل اآلخر فاالنتحار هو نتيجة اضطراب نرجسي خطير وهو عبارة عن تحقيق نزوة الموت عن طريق االنتقال إلى الفعل. االنتحار ينظم طريقة اقتصادية ضد التفكير نقل إستعاري ملموس لما لم يستطيع تجسيده و االنتقال إلى الفعل سجل محل الشعور الغير مرغوب الذي يسعى إلى نزع واقعية داخلية أو خارجية معاشة كصدمة و معاناة مع إحساسات التبعية وتأثيرها الذي يشكل التهديد والخطر (2001),X.Pommereau. ومن تم يمكن تعريف االنتحار على أنه سلوك تهديمي يلجأ إليه الفرد لالعتداء على ذاته بطريقة شعورية تحت وقع صدمة عنيفة تجعل النفسية مضطربة إلى حد استعمال وسائل خطيرة تؤدي في األخير إلى الموت الفعلي المحاولة االنتحارية يعرفها,) (" M.Bardet على أنها فعل مقيد بواسطته إذ يتسبب بحكم مسبق جسمي في حدود إعطاء الموت أو خلق حالة تغير وضع نهاية لمعاناة جسمية أو نفسية ولكن المحاولة غير مدمرة مؤهلة بانتحار فاشل وبصفة عامة تعتبر كنداء للنجدة تبدي مؤشرات الكآبة مرسلة من طرف شخص نحو محيطه بهدف جلب االنتباه ". أما,S.Henderson (14: 1974) " المحاولة االنتحارية بالنسبة له تكون أكثر وقوع في إطار انقطاع العالقة الفردية مع دال آخر". من جهة أخرى يرى,(180.E Durkheim 1981) : " أنها الفعل المعرف مثلما هو في االنتحار ولكن توقف قبل أن تكون الموت هي النتيجة ". 16

32 ومن خالل التعاريف المقدمة يمكن تعريف المحاولة االنتحارية على أنها وسيلة يلجأ إليها الفرد للبحث عن المساعدة أو أنها تعبر عن نداء لجلب اهتمام األخر وفي الغالب ال تمثل الموت الفعلي وتسجل تحت ما يسمى بمحاولة فاشلة وهذه المحاولة مرتبطة باختيار الوسائل المستعملة والتي تكون في الغالب أقل خطورة الموضوع الموضوع يقصد به في التعبير الموضوع الخارجي المدرك وفي الغالب يمثل األم. يعرف الموضوع من وجهة نظر التحليل النفسي بطرح ثالثة جوانب أساسية : - متالزما مع النزوة فمن خالله تحاول النزوة الوصول إلى هدفها أي إلى نمط معين من اإلشباع والموضوع في هذه الحالة يمكن أن يكون كلي أو جزئي كما يمكن أن يكون واقعي أو هوامي. - متالزما مع الحب والكره أي تقوم العالقة بين شخص كلي أو ركن من األنا - متالزما مع الشخص الذي يدرك ويعرف بالطرح الذي يتبناه كل من علم النفس والفلسفة يتصف بخصائص ثابتة ومستمرة. كما يصادف مصطلح الموضوع في التحليل النفسي العديد من المرادفات والتعبيرات : اختيار الموضوع حب الموضوع فقدان الموضوع و عالقة الموضوع العالقة بالموضوع العالقة بالموضوع تدل على أسلوب عالقة الشخص مع المحيط الخارجي. حسب,)5911( J.Laplanche et B.Pontalis يشيع استخدام هذا المصطلح كثيرا في التحليل النفسي المعاصر للداللة على أسلوب عالقة الشخص مع عالمه هذه العالقة هي نتيجة معقدة وكلية لشكل ما من أشكال تنظيم الشخصية ولمقاربة متفاوتة في درجة هواميتها للموضوعات ولشكل ما من أنماط الدفاع المفضلة يجري الحديث عن عالقات موضوع شخص معين وكذلك عن أنماط من عالقات لموضوع تميل إما إلى لحظات تطورية من مثل عالقة الموضوع الفمية أو إلى علم النفس المرضي من مثل عالقة 17

33 الموضوع السوداوية وبصفة عامة تعرف على أنها نوع العالقة التي يكونها الطفل مع محيطه الحب الحب شعور يتسبب بالشقاء إذا لم يكن متبادال وإن كان متبادال وراضيا في معظم توقعاته يتسبب بالسعادة وهذا الشعور من قبل شخص يتوجه نحو شخص أخر محدد يحتوي على رغبة لألول بأن يلتقي من الثاني ويعطيه المتعة التبعية في العالقة العاطفية تقابل البحث القهري عن اإلحساس األكثر قوة لتهديم الذات من خالل إضعاف الشهوة تعبير إلى أقصى حد وهو يشير إلى صعقة الحب. )0229(,F.X. Poudat وبالتالي فالتبعية في العالقة العاطفية ترتبط أساسا باالتكالية على األخر والبقاء في حالة عوز ونقص واندماجية كاملة لهذا األخر الذي يمثل الرغبة ويحقق الحماية الكلية مشروع الحياة إن مشروع الحياة يستدعي توفر العوامل األساسية المساهمة في الوصول إلى تحقيق األهداف المسطرة التي تنصب كلها نحو بناء المستقبل أي توجيه الذات اآلنية إلى التطلع لالنجاز المستقبلي.ويبقى مشروع الحياة متعلق بما يفرضه الواقع وما يسعى الفرد إلى تحقيقه وبالطبع مع تداخل كل من الرغبات والدوافع والحاجات التي تساهم في ظهوره. حسب احتياجات ورغبات الفرد يتحقق المشروع ويتأسس ذلك من خالل تصور الفرد لذاته والتصورات االجتماعية للنجاح المهن األدوار والوظائف إضافة إلى المنظومة االجتماعية والثقافية وما تلعبه من دور في إنتاج القيم والمعاني تسمح هي األخرى ببروز أهم الحاجات الخاصة باألفراد من تعليم المبادئ واألخالق الدين الزواج... (1993),P.Tap.N.Oubrayrie 18

34 الفصل الثان ي "االنتحار والمحاولة االنتحاري ة" 1. تاريخ وتعريف االنتحار والمحاولة االنتحارية 1-1. االنتحار 2-1. المحاولة االنتحاري ة 0-1. األفكار االنتحاري ة 0-1. السلوكات االنتحاري ة 5-1. الجرح الذاتي 6-1. األزمة االنتحارية 2. السيرورة االنتحارية 1-2. السيرورة الدفاعية 2-2. السيرورة التأديبية 0-2. السيرورة العدوانية 0-2. السيرورة اإليثارية 5-2. السيرورة اللعبية 0. الفرق بين االنتحار والمحاولة االنتحارية 0. االنتحار وعلم النفس المرضي 1-0. االنتحار والبنيات العصابية 2-0. االنتحار والبنيات الذهانية 0-0. االنتحار والتنظيمات البينية 5. المقاربات المفسرة للسلوك االنتحاري 1-5. المقاربة الدينية 2-5. المقاربة االجتماعية 0-5. المقاربة النفسية 0-5. المقاربة التحليلية 6. العوامل األساسية المساهمة في االنتحار 1-6. العوامل النفسية 2-6. العوامل االجتماعية 7. الدراسات السابقة حول االنتحار والمحاولة االنتحارية 8. الدراسة اإلحصائية

35 1.تاريخ وتعريف االنتحار والمحاولة االنتحارية قبل عام 5932 لم تكن العبارة محاولة لالنتحار مستعملة بل كانت هناك تسميات أخرى من بينها االنتحار الغير الحقيقي Pseudo suicide أو شبه االنتحار Semi suicide وفي عام Ringel, Eاقترح مصطلح تناذر ما قبل االنتحار Syndrome pré-suicidaire وهذا المصطلح هو مشترك في جميع األمراض النفسية وأن هناك عوامل مختلفة تساعد على خلق هذه السيرورة النفسية وهذا التناذر ما قبل االنتحار يتواجد ما بين األفكار االنتحارية واللجوء إلى الفعل االنتحاري ويعرف ثالثة أعراض أساسية: أفكار انتحارية جدا ملحة انطواء على الذات مع انعزال تدريجي كف في العدوانية مع الالمباالة التدريجية أي االنسحاب من الواقع. في عام Schneider, 1954 P.B. عرف محاولة االنتحار على أنها انتحار لم ينجح محاولة فاشلة. وابتدءا من E.Stengel, 1964 أتى بتعديالت فيما يخص هذه النظرة فهو يرى من جهة أن اإلنسان يرتكب أحيانا سلوكات ذات تأثير سلبي مؤدي للذات وقد يؤدي في بعض الحاالت إلى الموت ومن جهة أخرى الحظ أن نسبة الموت منخفضة مقارنة مع نسبة المحاولة الفاشلة وبالتالي يستنتج أن الموت ليس دائما الهدف المراد برغم أنه عادة ما يعبر هؤالء المحاولون أن رغبتهم كانت الموت. (1965),N.Kessel اقترح تعويض مصطلح "محاولة االنتحارية" بتسمية " التسمم اإلرادي "» volontaire «empoisonnement غير أن هذا المتغير واجه معارضة البعض من بينهم A.N.Kreitman الذي نقد فكرة وضع مصطلح جديد ال يحمل كلمة انتحار فاقتراح هذا األخير في سنة 5919 مصطلح شبه االنتحار Para- suicide حيث أنه يشير إلى السلوكات المماثلة لالنتحار دون أن يكون ميول الفرد للموت هدف رئيسي وهو يعرفه كما يلي:" شبه االنتحار هو سلوك ال يؤدي إلى الموت بسبب اختيار الفرد ضررا لذاته حيث يتناول مواد بكميات مفرطة مقارنة مع الكميات التي تقدم عادة في إطار عالجي"

36 1-1. االنتحار يعرف كفعل شعوري متعمد على تقديم الموت أو هو الموت اإلرادي. لغويا وحسب ع. بن هادية ب. البليش و ج. بن الحاج يحي,) ( االنتحار كلمة مشتقة من كلمة نحر أي ذبح أو قتل وانتحر أي قتل نفسه أو ذبحها. وحسب ) (, R. Roudinesco et M.Plon كلمة Suicide مشتقة من كلمة التينية تتكون من جزئيين Sui بمعنى Soi أي النفس أو الذات و Caedes بمعنى Meurtre أي قتل. أدخل هذا اللفظ في اللغة االنجليزية عام 5931 ثم اللغة الفرنسية عام 5934 لتعويض التسمية السابقة التي عمت إلى غاية القرن السابع عشر وهي الموت المتعمد. اصطالحا وحسب ),H. Bloch et R. Chemam :763 (1991 "االنتحار هو اعتداء إرادي ضد الذات يؤدي إلى الموت فاالنتحار إم ا أن يكون فعال راجعا ألسباب سيكولوجية اجتماعية دينية فلسفية أو أن يكون العكس من ذلك فعال مرضيا ناتج عن تطور أمراض عقلية كاإلكتئاب والهذيان المزمن والخبل والخلط أو أزمة وجود حادة على شكل نزوة قلق تو جه عدوانية نحو الذات وهذه العدوانية تختلف عن االنتحار المتعمد كما هو الحال في السويداء أو الهذيان". وبالتالي فالسلوك االنتحاري هو سلسلة األفعال التي يقوم بها الفرد محاوال من خاللها تدمير حياته النفسية دون أن يكون هناك دفع من آخر ولهذا من الصعب وضع السبب الحقيقي لالنتحار المحاولة االنتحارية تختلف باختالف القصدية االنتحارية وهو مصطلح يرجع إلى كل استعماالت الفرد الشعورية لوضع حياته في خطر سواء بطريقة قصدية هادفة أو رمزية لكن دون الوصول إلى الموت الفعلي وتصبح إذن محاولة بسيطة فاشلة

37 تكتسي المحاولة االنتحارية وظائف متعددة ويذكر. 1996),P )البعض Moron منها واألكثر شيوعا وتواجد عند هؤالء الحاالت الوظيفة العدوانية الموجهة نحو اآلخرين منذ بداية دراسة التحليل النفسي كان معترف آن الفعل االنتحاري يرتبط بالعدوانية الموجه ة نحو اآلخرين وهذه األخيرة قد تكون شعورية انتقامية الرغبة في خلق المشاكل الهموم إلى الشخص الذي هو موضوع العدوانية وإلقاء اللوم عليه ليشعر بالندم إلي الموت وإليك الحداد. لكن في الواقع هذه العدوانية تكون ال شعورية ودائما هي السبب وتعبر عن ميكانزما لتقمص الموضوع. في هذه العدوانية التي ترجع إلى الفرد ذاته وما هو أهم هنا هو أن الفرد يكون عدوانيا مع اآلخرين مع إحساسه بعدم الرضا أقتل نفسي ألنكم ال تحبونني ولهذا أترك عليكم عالمة راسخة وظيفة النداء تظهر معظم محاوالت االنتحار كطريقة لطلب النجدة من اآلخرين جرس خطر يدق الفرد يناجي لطلب النجدة ألنه غير قادر على فعل أي شيء أمام تلك الوضعية الصعبة هذه الوظيفة تظهر تقريبا كذلك ثابتة آن القصد هو اعتداء ذاتي لكن فعل االنتحار لدي ه داللة واضحة فغرضه ال االعتداء على الذات وال اإلحساس بالقتل نحو الذات فالنداء هذا لجلب انتباه المحيط وهذا ما يجعلنا نفكر في التركيبة الهسترية للشخصية واألغلبية النساء الوظيفة الرمزية حسب.F,(1981) Davidson et.m Choquet يكون الشخص تحت تأثير الموت بحيث يتحدى القدر وأنه يمتلك القوة الكافية ليتحكم في حياته يحاول لذلك إخضاعها للصدفة المفاجئة الغير المتوقعة ليثبت أنه سيد حياته وموته وكذلك سيطرته على المحيط الذي يسيطر عليه بدوره فالمحاولة االنتحارية يمكن أن يجعل منها موقف لالتخاذ حكم حازم فتجربة الموت يمكن أن تكون رمزية بتمثيل جسدي كأن يشق الوريد وهذا لغرض استرجاع الحياة أنا أنزف إذن أناجي

38 وظيفة الهروب تعبر عن عدم قدرة الفرد للتصدي بخطر ما عقوبة أو تهديد أوضع صعب قد تحمل معظم السلوكات االنتحارية هذا المعنى الالشعوري الهروب عندما يجد الفرد نفسه أمام صراعات صعبة يحمل الفرد نفسه المسؤولية على فشله ليواجه بذلك العدوانية نحو ذاته وتكون بذلك محاولة االنتحار هروب أمام نفسه األفكار االنتحارية تتمثل في اإلعداد العقلي الشعوري لرغبة الموت سواء كانت في حالة نشاط أو خمول وهذه األفكار مرات تظهر معبرة تحت شكل التهديد االنتحاري..0-1 السلوكات االنتحارية تشير إلى مختلف الحركات واألفعال التي تضع حياة الفرد في خطر الجرح الذاتي Automutilation يتمثل سلوك االعتداء على الذات نفسها أكثر أو أقل خطورة كاستعمال وسيلة حادة لتجريح اليد أو جميع أنحاء الجسم ضرب الرأس أو حرق الجسم بسيجارة. مختلف هذه السلوكات تشترك في هدف واحد والمتمثل في التهديم الذاتي لكن بدرجات مختلفة حسب ما يستعمله الفرد للوصول إلى الموت باستعمال وسائل عنيفة مآلها الموت الفعلي أي وسائل تكون أكثر فعالية لتحقيق ذلك ما يدل على أن هناك نقص في رغبة الموت ويبقى ذلك مرتبط بمعاناة نفسية واجتماعية األزمة االنتحارية هي أزمة نفسية تتمثل في ظهور خطر أساسي هو االنتحار وتتجلى في وقت أين الفرد يجد نفسه في مأزق وطريق مسدود ومجابهته لألفكار االنتحارية التي تكون أكثر

39 غزوا وبالتالي فاالنتحار يظهر أكثر فأكثر كوسيلة هامة لمجابهة المعاناة وإيجاد منفذا لهذه الحالة من األزمة. واألزمة االنتحارية هي خلل حقيقي يمس حفظ الذات الذي يجد محركه األساسي في االختالل المفاجئ في النفسية من طرف شهوة في التحطيم أكثر من أن تكون رغبة في الموت ومن بين الوظائف األولى لألزمة االنتحارية هي اختصار للزمان المكان وارتباط األزمة باالنتحار توج ه نحو مفهوم الخبرة الوجودية الذاتية القصدية االنقطاع أو تغيير مفاجئ في توازن نفسي تو جه أيضا نحو إمكانية الحل أي بمثابة حل ممكن و مفهوم الزمنية السيرورية وهذه السيرورة تلجأ إلى تحطيم ما هو موجود نفسيا لكن تسمح أيضا بإعادة البناء من جديد فيما بعد. Rolland.O,(1982) Quenard et J.C 2. السيرورة االنتحارية تعتبر حتمية االنتحار معقدة ومتعددة حتى وإن وجدت هناك سيرورة مرضية وهذا األخير يرتبط مباشرة بسيرورة نفسية التي نجدها عند المنتحرين العاديين فالسيرورة االنتحارية تعتبر المرور من الفكرة إلى الفعل يرتبط بتغيرات حسب السيرورات األكثر سهولة عن طريق أخطار رسمية ألحداث مؤلمة التي نجدها عند األشخاص األكثر قابلية السيرورة االنتحارية تعرف عد ة.P,(1996) Moron لألمراض النفسية وحسب سيرورات منها نجد: 1-2. السيرورة الدفاعية يمنح االنتحار قيمة رد فعل دفاعي للشخص بالنسبة إلى الوضعيات الحي وية النفسية أو االجتماعية التي يتواجد فيها وهذه األخيرة سواء كانت عادية أو مرضية حيث يرى A. Adler في رغبة الموت رد فعل دفاعي وانتقامي تعويضي عن الشعور بالنقص السيرورة التأديبية مرتبطة بالشعور بالذنب وبالسلوك التكفيري ففي نفس الوقت نجده حاكم ومذنب ضحية وقاسي أي بمعنى يأخذ الشخص دورين دور الحاكم ودور الضحية وفي هذه

40 الحالة يخضع المنتحر إللزام أمري بالموت وتكون هذه السيرورة الشعورية تبرهن عن عقاب ذاتي في السلوك العصابي الفاشل السيرورة العدوانية يشغل المخطط األو ل وجهة نظر التحليل النفسي حيث يرى.S Freud أن االنتحار تماثل ذاتي لقتل األخر ومن خالل التماهي بالموضوع ترجع العدوانية ضد الذات السيرورة اإليثارية فبعض المحاولين لالنتحار نجدهم يسلكون طريق التضحية والمضحي يكتسي شخصية إم ا قوية أو شخصية ضعيفة السيرورة اللعبية مثل ما نجده في الحياة أيضا نجد اللعب بالموت وهذا الشعور اللعيبي يبعث الحياة لبعض المحاولين لالنتحار. الفرق بين االنتحار والمحاولة االنتحارية.0.J,(1986) Wilmott في كتابهم جاءوا بعرض للعمل قام به Davis إنطالقا من اعتبار أن االنتحار والمحاولة االنتحارية هما سلوكين مختلفين حيث قام بمقارنتهما اعتمادا على 57 متغير ولحظ اختالف في 50 متغير ومن بين نتائجه: نجد نسبتهما تختلف فهناك عشرة محاولة انتحار مقابل انتحار واحد مجموعة محاولي االنتحار أصغر سنا مقارنة بمجموعة المنتحرين فئة محاولي المنتحرين تتميز بنسبة عالية من الذين يعانون من االنهباط أو االنهيار مقارنة مع محاولي االنتحار فئة محاولي االنتحار تتميز بنسبة عالية من األفراد الذين يعانون من اضطرابات الشخصية من النوع الإلجتماعية عدم النضج والعدوانية. فيما يخص الوسائل المستعملة عند فئة محاولي االنتحار هناك %7 يستعملون عنيفة وهذه النسبة تشير حسب.J,(1986) Wilmott إلى المحاولة االنتحارية الحقيقية بينما %93 الباقية يستعملون وسائل غير عنيفة ذات مفعول بطيء وهذه الفئة تتضمن

41 نسبة عالية من المحاوالت االنتحارية غير الحقيقية مع العلم أن الذكور يميلون إلى استعمال الوسائل العنيفة بينما اإلناث يستعملون أقل عنفا أو بطيئة المفعول مثل األدوية. 0. االنتحار وعلم النفس المرضي ( السيكوباثولوجية(,(143: M.CH.Brunel 2002) الحاالت المكتئبة عرفت أكثر من ثالثة مرات محاولة انتحارية بعد استشفائهم بمصلحة الطب العقلي مرضى مكتئبون لكن بدون بنية ذهانية يكون االكتئاب كتعبير عن الصدمة وهذا يتطلب االستشفاء في مراكز متخصصة أين يستقبل المريض في حالة خطيرة لبنية مهدمة مع قلق كبير الذي يرافق المريض كخوفه من أن يصبح معتوه.عامل التكرار مهم جدا عند هذه الحاالت حيث % 92 عرفت أكثر من محاولة انتحارية عند العودة إلى المنزل أي بعد االستشفاء مباشرة و 92 % عرفت محاولة انتحارية فعلية ( الموت النهائي( وهذا يدل على أن في غياب التكفل النفسي المنضبط بشكل متكيف مع حالة المحاولة االنتحارية ما يسهل فيما بعد أن يصبح هذا السلوك فعال حتميا مآله الموت الحقيقي. خطر االنتقال إلى الفعل االنتحاري يبقى مرتبط بمستوى حدة الصدمة أو تراكم الصدمات في وقت محدود وهذا يرجع إلى هشاشة القدرات الدفاعية والتي تعمل في إطار بنيته فالبنيات التي ظهرت أكثر تكيفا لمقاومة الصدمات المؤلمة والتي تسمح بإمكانية التناوب ما بين الهيئات الثالثة : الالشعور قرب الشعور الشعور هذه الحركية أظهرت مكون أساسي لما يعرف ب " السواء " لكن إذا بقي الفرد منحصر وثابت فقط على واحدة من بين هذه الهيئات الثالثة ما يسهل عنده الدخول في "المرضية".إن إنهاك لما قرب الشعور تحت تأثير الصدمات يسجل الدخول في االكتئاب االرتكاسي أو الدخول في شكل أخر لالكتئاب العصابي أو الذهاني. إعادة بناء وتنشيط تشرف على تطور قرب الشعور المكون المحور األساسي للوقاية من خطر االنتحار والتكفل النفسي بعد المحاولة كما أن األسرة البناءة والمكونة

42 لهذا الفضاء االنتقالي تخفض كثيرا من خطر االنتحار وبالتالي يعتبر قرب الشعور كمخرج مسوؤل عن السواء االنتحار والبنيات العصابية األفراد الحاملون لبنية عصابية يستطيعون تقديم نوبات اكتئابية في مدة يمكن أن تؤدي في بعض المرات إلى االنتحار بالرغم من أن خطر االنتقال إلى الفعل يكون أقل ارتفاعا في بعض المرات لكن نجد ذلك في البنيات الذهانية وخاصة حالة السويداء. (2002 :144), M.CH.Brunel البنيات العصابية تخفي دائما أنماط دفاعية مختلفة تستطيع أن تكون جزء لداللة عرض عصاب أخر مثل العصاب االستحواذي يستطيع أيضا تقديم دفاعات نابعة من الحقل الهستيري والهستيري يستطيع أيضا أن يحصل على دفاعات مسجلة في عصاب القلق لكن الحركية وتعدد الدفاعات تحمي إمكانية الرجوع إلى نسق دفاعي أكثر توسعا. فحين يقدم الفرد بنية دفاعية نابعة تقريبا من التناذر خطر انهيار البنية العصابية يكون أكثر ارتفاعا وإذا استمر هذا االنهيار يكون هناك خطر انحرافه نحو البنية الذهانية في حين أن خطر االنتقال إلى الفعل االنتحاري يرتفع الدفاعات العصابية الصلبة تكسو وتحوي بنية تميل أكثر إلى الهشاشة. الخطر مرتبط بانهيار البنية االستحواذية خاصة والصلبة يظهر أكثر ارتفاعا من البنيات العصابية األخرى هذا العصاب متعلق بالمرحلة النزوية الشرجية. الدفاعات من النمط االستحواذي تنقسم حسب توجيهاتها نحو التحكم والمراقبة أيضا الجي دة للخارج على غرار الداخل باالرتكاز على سلوكات طقوسية متكررة بالنسبة لالستحواذ يستيقظ لديه قلق في أن يكون مهدم من خالل المواضيع السيئة أو المضامين السلبية التي تضمه أو ترفضه و الت صدع أو الخوف من انهيار هذه القدرة على المراقبة أو البنيوية من خالل المنظم النفسي تستطيع أن تساهم في االنتقال إلى الفعل التهديم الذاتي

43 االنتقال إلى الفعل االنتحاري بالنسبة للهستيريا نجد S.Freud من بين األوائل الذين اهتموا باالنتقال للفعل االنتحاري عند الهستيري في البداية أعطى أهمية للصدمة الجنسية التي هي أصل الهستيريا..S Ferenczi أعاد إدخال أهمية الصدمة عند الحاالت الهستيريا رغم ما سعوا إليه المحللون النفسانيون إال أن ما جاء به S.Freud بقي قائما وأخذ أهمية كبيرة في تحليل حاالت الهستيريا. الحاالت الهستريا تجد نفسها أمام الصدمات غير قادرة على حماية ذاتها وعدم إمكانية نموها النفسي ويبقى هذا مستحيال ألنها تتواجد في وضعية طفلية.وهذا ما يجعل خطر االنتحار يتواجد باستمرار. كما ركزS.Freud على أهمية قلق الموت احتمالية أنها تنقلب فجأة إلى رغبة الموت وتصبح حادة هذه الدينامكية ظهرت عند الحاالت اللذين كانوا عرضة لالعتداء الجنسي وهذا يتعلق دائما بحاالت الهستيريا. كما أن إشكالية الهستيريا طرحت تحت قلق الموت المختبئ بالتناسلية.الجنسية مكلفة دون وجود لدفع وجداني ظاهر بقوة وهذه ضرورة جينية للتناسلية والى التطور نحو الموت الجسمي االنتحار و البنيات الذهانية يرى M.CH.Brunel أن الحاالت الفصامية سجلت أكثر من تسعة مرات محاولة انتحارية مقارنة باألمراض العقلية األخرى مراحل الدخول والخروج من ذهان الفصام تمثل الوقت األكثر تهيئا إلى خطر االنتحار والمحاوالت االنتحارية ومن بين األعراض الشائعة التي تميزه : نجد دائما التشويه الذاتي محتوى الهذيان أو الهلوسة يبقى تحت سيطرة األوامر والتي تتمثل في أصوات توجهه نحو اللجوء إلى الموت نزوة عنيفة ومفاجئة يقدم فيها المريض على عملية قتل أو انتحار أو تشويه لنفسه. الفصامي مسكون ممتلك بالتراكمات السلبية الراجعة للصدمات العائلية وهذه التراكمات تحتل المراقبة الداخلية والتحكم في نفسية الفصامي

44 ذهان السويداء وهي المرضية األكثر شيوعا في اإلصابة بخطر اللجوء إلى المحاولة االنتحارية وهذا الذهان الذي يميزه الشعور بالذنب الحاد ( استدخال المواضيع السيئة ) اللوحة االكتئابية األساسية تحيل النفسية إلى حد أنها تجلب الكف السلوكي المريض يبقى تحت سيطرة أالمه هذا الكف الحاد يمكن أن يستيقظ فجأة لكن تحت تأثير مضاد االكتئاب.تاركة بذلك مكان للنزوة المفجرة وتستطيع أن تكون أصل االنتقال إلى الفعل االنتحاري بصفة اندفاعية كما يعاني السويداء كثيرا من األرق. يضيف )5957(,S.Freud "في الحداد العالم يصبح فقير وفارغ وفي السويداء األنا يمثل األخر المريض يصف لنا أناه باللقيمة العاجز مهما كان األمر معنويا معاقب العتابات... وينتظر في رميه خارجا وعقابه ". تتميز السويداء بسحب الفوائد من العالم الخارجي فقدان القدرة على الحب فقدان تقدير الذات أما في الحداد العادي الشخص ال يفقد تقديره لذاته مع احتفاظه باالتصال مع الواقع وحسب S.Freud يؤكد على أن الفقدان مرتبط بالخارج وال يتعلق بالشخص في حد ذاته ظل الموضوع معاش في األنا. يصف االنتحار عند السويداء بالشكل األتي : (1975),B.Grundberger " كل واحد منا يخفي نواة اكتئابية السيرورة التحليلية لألنا دائما في العمل ويظهر جليا في قدرته على التعجيل في بعض الظروف االستثنائية الهيئة النرجسية تأخذ مكان األنا دون االحتجاج بل العكس أصبح مرفوضا بناءا على افتراضات أن األنا ميت" (2002 :148), M.CH.Brunel واالنتقال إلى الفعل االنتحاري للسويداء ليس البلوغ النهائي للموت النفسي ويبقى ذلك الجزء من األنا يعيش حالة غيبوبة وليس الموت الفعلي االنتحار والتنظيمات البينية بالنسبة لهذه الحاالت ينبغي التفريق بين موضعين : - البنيات الشاذة بسبب عدم تنظيم هام متأخر لسلسلة متتالية من الصدمات أين التهديم يكون محاط مما يؤدي إلى تحريض أعراض جسمية

45 - سلوكات عنيفة مع أو بدون االنتقال إلى الفعل االنتحاري ناتج عن توظيف مبكر متتالي لغياب البنية من خالل تصدع المحيط التأديبي العائلي. تكون أكثر مرارا نتيجة لوضعية حدود أين نجد تراكم الصدمات يشكل خطر في إدخال األنا في انهيار هذه األحداث العرضية تستطيع إعطاء على خطأ مظهر حالة بينية من خالل ضعف ثانوي لبنيات دفاعية. ليس مثل التوظيف السيكوباثولوجي أين البنية ال تكون هشة لكن تقريبا غير موجودة بسبب خلل تكويني Défaut d élaboration وهذا األكثر شيوعا الناتج عن غياب تحويل اإلطار النفسي : أين األنا األعلى يكون أقل تكوينا وهذا يحدث غالبا في حالة استقبال الطفل قليال من الحدود والموانع التي تعود إلى التربية األسرية ويرجع ذلك في األخير إلى غياب أحد الوالدين أوكالهما معا ويظهر ذلك في التمرد على القوانين. الهو يمارس بكل حرية سلطته االلتقاء مع الحدود يجلب إحباط وحالة الغضب التهديمي التي يمكن أن تمارس ضد األخر لكن عندما تكون هناك استحالة ممارسة ذلك على األخر االندفاعية تنقلب على الذات في تحطيم الجسم. بحيث أن الجسم يمكن أن يحس من طرفه كحدود غير محتملة حدود التحطيم الجسم يصبح مضطهد أخر من خالل الحدود و الحاجات الذاتية الشيء مهدم ثم إعادة تأكيد غياب كل القدرات مقابل اإلرغام واأللم النفسية أو الجسمية وهذا البحث عن الحدود يقابله الحاجة إلى : - إيجاد الحدود بين الداخل والخارج - التقاء مع إطار نفسي جسمي حامي ومتكيف - إستدخال كل ما يتم إرساله من طرف العائلة ارتفاع خطر االنتحار حسب تراكم هذه العوامل األزمة والخطر وتداخل العوامل االجتماعية النفسية الداخلية الجسمية مصحوبة بالعزلة أو إلى تصدعات في العائلة

46 5.المقاربات المفسرة للسلوك االنتحاري 1-5.المقاربة الدينية يعتبر الدين كمظهر اجتماعي لحياة اإلنسان ويعد قوة الضبط ذات تأثير متوارث ومشترك بين أفراد المجتمع الواحد فالعامل به والمتمسك بقواعده يكون أكثر قوة وصبرا فهو من حث على تجنب قتل النفس االنتحار والتمسك بعظمة الخالق ع ز وجل ورغم هذا يبقى االختالف متباين بين دين وآخر فيما يتعلق بالنظرة إلى الموت والحياة وعن قتل اإلنسان لنفسه. نجد.E Durkheim الذي يعتبر أن الدين عامال وقائيا ضد االنتحار حيث أ ن التماسك االجتماعي الفكري في الديانات هو أنفد مفعوال ضد االنتحار من التعاليم الدينية ذاتها. فجميع الديانات كان لها تأثير فكريا في الحضارات البشرية فاليهودية ال تمنع االنتحار شرعا ولكن االنتحار بين اليهود أقل من المسيحيين وهذا ما ظهر االنتحار في نظرية.E,(1897) Durkheim يعود ألهمية التماسك االجتماعي فالدين اليهودي صارم التقاليد واليهود أشد تماسكا من المسيحيين وأكثر التزاما بدينهم على أن ذلك لم يكن واقيا في الظروف القاسية التي قد مرو ا بها. أما المسيحية في اإلنجيل لم يأتي ذكر تحريم قتل النفس صراحة ولكن كثرة الحوادث االنتحار حفزت رجال الدين المسيحيين موقف حازم وصريح منه وكان ذلك على يد القديس أوغسطين في أوائل القرن الخامس للميالد وبعده توماس األكوني وهكذا أصبح للكنيسة الكاتوليكية موقفا صريحا من االنتحار والتحريم جاء باالستناد إلى ما يلي ال تقتل ال يجوز قتل اإلنسان المذنب فكيف باإلنسان البريء ذنبه إذن أعظم عظمة الروح في الحياة وليس في الممات ارتكاب االنتحار من أجل تجنب الخطيئة هو أعظم خطيئة ألنه ال يمكن التفكير عنها أو إلزالتها. وجاء اإلسالم أيضا ليعلن صريحة واضحة بان قتل النفس خطيئة وحرام وقد نهي عن االنتحار بالكتاب والسنة النبوية الشريفة وحتى بالدعاء بالموت أو تحريض الغير على قتل النفس فالحياة هبة ونعمة من هللا وال يملك أحدا انتزاعها بغير إرادته يقول

47 تعالى بعد بسم هللا الرحمن الرحيم: "وال تقتلوا أنفسكم إن هللا كان بكم رحيما" صدق هللا العظيم )سورة النساء اآلية 09( وقوله تعالى: "من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في األرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في األرض لمسرفون" )سورة المائدة اآلية 30( وقوله تعالى: "وال تقتلوا النفس التي حر م هللا إال بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لولي ه سلطانا فال يسرف في القتل وإنه كان منصورا" )سورة اإلسراء اآلية 33(. قال رسول هللا صل ى هللا عليه وسلم: "كان فيمن قبلكم رجل به حرج فجزع فأخذ سكينا فخر بها يده فمارقا الدم حتى مات" فقال هللا: "بادرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجن ة". يقول الشيخ القرضاوي.ي )5977( "إذا مات حرمت عليه الجنة من أجل جراحة لم يحتمل ألمها فقتل نفسه فكيف بمن يقتل نفسه من أجل صفقة يخسر فيها قليال أو كثيرا أو من أجل امتحان يفشل فيه أو فتاة صد ت عنه" وعن أنس رضي هللا عنه قال: قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم: " ال يتمنين أحدكم الموت عن ضر أصابه فإن كان البد فاعال فليقل اللهم أحييني ما كانت الحياة خير لي وتوفني إن كانت الوفاة خير لي". وعن جابر بن سموة قال أخبر الرسول صلى هللا عليه وسلم برجل قتل نفسه فقال: " ال أصلي عليه" وقال رسول هللا عليه وسلم: "من تردي من جبل فقتل نفسه فهو في نار جنهم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تحس سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم فيها أبدا". إن اإلسالم إذن ينظم حياة الجماعة ويحترم الحياة إنه يريد من المسلم أن يكون صلب العود قوي العزيمة في مواجهة الشدائد وحياة اإلنسان ليست ملكا له فهو لم يخلق نفسه أو خلية من خالياه وإنما نفسه وديعة عنده من هللا عز وجل فال يجوز له التفريط فيها فكيف باالعتداء عليها

48 2-5.المقاربة االجتماعية فالبنسبة ل.E,(1897) Durkheim تقوم الدعاوي األساسية عنده في تفسير االنتحار على أن التكامل االجتماعي قوة الروابط االجتماعية التي توجد بين أعضاء المجتمع يؤثر في احتماالت حدوث االنتحار وقد بي ن أن تعميمه النظري هذه يمكن أن يفسر الحقائق الكثيرة المعروفة عن نسب االنتحار حيث يرى أن الكاثوليكية تؤدي إلى تكامل اجتماعي أكثر مما تؤدي إليه البروتستانية التي تتميز بالطابع الفردي كما أ ن وحدة المجتمع تكون أعظم في أوقات الشدة والحروب بعكس الحال في أيام السلم ويتخلص القانون الذي وصل إليه.E Durkheim في االنتحار في أنه إذا ازداد التماسك والتداخل الديني والعائلي والسياسي قل االنتحار وإذا وهن كثر االنتحار أي أنه إذا كان الدين أكثر ضبط لروابط األفراد وسلوكهم قلت نسبة االنتحار وإذا كانت قبضة ضعيفة زادت هذه وإذا كانت العائلة متماسكة مترابطة قلت نسبة االنتحار وإذا انحلت أو ضعفت روابطها زادت هذه النسبة وإذا كانت هذه الدولة من وجهة السياسية متينة البنيان مستقرة األساس قلت نسبة االنتحار... وعلى هذا األساس.E Durkheim حاول ذكر األسباب االجتماعية التي تؤدي إلى االنتحار في ثالثة أنماط االنتحار األناني عندما يكون ارتباط الفرد بالجماعة ارتباطا ضعيفا يبدو الفرد فاقدا لتأثير الجماعة عليه وبالتالي ال يعير أي اهتمام جماعته إذا ما ساوره أي ميل لالنتحار بسبب بعض المشاكل الطارئة كما أنه في هذه الحالة ال يعتقد بأن انتحاره سيرتب أي نتائج على الجماعة ولقد سمى.E Durkheim هذا نوع من االنتحار باالنتحار األناني بسبب انفصام ارتباط الفرد بالجماعة أو ضعف عالقته بها وعلى هذا األساس يمكن تفسير ارتفاع معدل االنتحار البروتستانت إذا ما قورن بمعدل انتحار الكاثوليك بالرغم من كون االنتحار محرم من قبل هذين المذهبين إذ أن تحريم االنتحار عند الكاثوليك يقترن بربط الفرد بالكنسية كمؤسسة اجتماعية تمتلك سلطة دينية على الفرد في حين أنه بالنسبة للمذهب البروتستاني ال يرتبط الفرد بالكنسية بل يترك للفرد حرية مسؤولية تمسكه

49 بالمعتقدات الدينية. وعلى ذلك يكون نقصان الروابط االجتماعية بين البروتستانت عامال مؤديا إلى ارتفاع معدل االنتحار بينهم ويربط.E Durkheim بين الدين والتعليم على اعتبار أن البالد البروتستانتية تزداد فيها نسبة المتعلمين وبالتالي ترتفع فيها معدالت االنتحار. ويؤيد ذلك أن المستوى التعليمي المنخفض لدى النساء يساعد على تفسير استعدادهن الضعيف لالنتحار. ويمكن اعتبار المعدل المرتفع لحوادث االنتحار بين العزاب إذا ما قورن بالمتزوجين كمثال آخر لهذا النوع من االنتحار فاألعزب يكون عادة في عزلة اجتماعية وعاطفية عن اآلخرين إذ أن مسؤوليته قليلة كما ألن ارتباطاته العاطفية أقل من المتزوج وهذا األخير يكون أكثر ترددا في اإلقدام على االنتحار من األعزب كما أن سبب انخفاض معدل االنتحار في وقت الحروب والثورات عنه في وقت السلم يعود إلى ميل األفراد لنسيان متاعبهم الخاصة في هذه األزمات أي أن الحرب أو النزاع مع جماعات خارجية من شأنه أن يزيد من تماسك األفراد األمر الذي يساعد على التقليل من حوادث االنتحار االنتحار الغيري هو االنتحار الذي يرجع إلى شدة اندماج الفرد في الجماعة حتى أنه يفقد فرديته ويفسر هذا االندماج نفسيا بشدة شعور الفرد بالواجب إزاء جماعته حتى أنه يصبح مستعدا أن يضحي بحياته من أجل الجماعة إذا كانت هذه التضحية ضرورية يقول.E Durkheim أن هذا النوع من االنتحار يوجد غالبا في المجتمعات التي تتميز بالتضامن اآللي أي أن المجتمع هو الذي يدفع الفرد لالنتحار. فبالنسبة للجماعات التي يكون تماسكها وثيقا جدا والتي يكون ارتباط أفراد الجماعة ببعضهم البعض ارتباطا قويا جدا تصبح قضية الموت والحياة ذات معنى وذات قيمة خاصة بها وبالنسبة لمثل هذه الجماعات فقد يصبح زهق النفس وتضحيتها من األمور المستحسنة التي قد تضفي أحيانا تأكيدا لشخصية الفرد وتحقيقا منه ألمانيه. ومن جهة أخرى قد ينتحر الفرد أيضا إذا فشل في االمتثال لقواعد الجماعة وتوقعاتها ففي هذه الحالة قد يفضل الفرد الموت على الحياة بحيث يشعر أنه ال قيمة للحياة إذا سحبت الجماعة رضاها عنه أو اعتبرته مذنبا

50 بحقها فتحريم الجماعة للفرد قد يجعله يفضل الموت على الحياة. و لقد استعمل نظريته هذه لتفسير سبب كون معدل االنتحار أعلى بين الجنود منه بين المدنيين االنتحار األنومي وهو انتحار الذين ال يسيرون على القواعد التي رسمها المجتمع فيصبحون بال معيار يحدد نمط سلوكهم أو طريقة انتمائهم للجماعة ومن هنا تزداد حاالت االنتحار حين تنكسر المعايير الجمعية وتتحطم عناصر الضبط االجتماعي أي أن الحياة االجتماعية الجديدة بما فيها من قيم وعادات وأخالق واعتقادات أضحت ال تالءم األشخاص الذين عاشوا في ظروف وقيم مختلفة عن ما هو في الحاضر فإقدام الفرد على االنتحار يعود للتضارب بين أماله وأهدافه وبين الظروف التي تحيط به بما فيها من عادات وأخالق وقيم ومعايير مختلفة. فالمجتمع الفاقد للقواعد والمعايير والقيم الواضحة التي تنظم سلوك األفراد وأمانيهم مجتمع يتصف بحالة األنومي أو الوهن واالنتحار األنومي هو االنتحار الناتج عن فقدان القيم أو غيابها مم ا يشير إلى اختالل في التوازن االجتماعي للمجتمع فترتفع معدالت االنتحار في أوقات األزمات االقتصادية وال يرجع ذلك إلى أزمة االقتصادية أو إلى انتشار الفقر وإنما يتيح ذلك بسبب تحطيم التوازن االجتماعي ويؤكد ذلك ما نالحظه من ارتفاع معدالت االنتحار في فترات االنتعاش االقتصادي أيضا. وهكذا يبرز اتجاه.E Durkheim االجتماعي في دراسته ألشكال االنتحار وأسبابه فهو يرى أن لكل مجتمع قواه الجمعية التي تدفع األفراد إلى قتل أنفسهم نتيجة لدوافع خارجية ولكنها مالزمة للنظام االجتماعي. لكن الفرد لديه حرية التفكير والقيم تجعله يتحرر من كل القيود ويعبر عن أفكاره وأهدافه ويمتاز بخصوصيات تجعله ينفرد عن غيره كما أنه يمكن لهذه العوامل االجتماعية أن تسبب له االنزعاج والقلق وتؤثر على توازنه العام وتؤدي في آخر المطاف إلى االنتحار لكن هذا غير معمم على كل الحاالت ألننا قد نجد من عانوا من الكثيرين من المشاكل إال أنهم لم يلجئوا نهائيا إلى االنتحار والزالوا يكافحون من أجل الوصول إلى تحقيق أهدافهم وهذا يتوقف على شخصية الفرد في حد ذاته وهذا ما استبعدته هذه النظرية

51 0-5. المقاربة النفسية العديد من المنظرين حاولوا عرض إشكالية االنتحار من زاوية " سمات الشخصية" وتبقى احتمالية االنتحار واردة ومتنوعة األشكال والدوافع وهذا ما عرفته األبحاث المنجزة في هذا المجال وخاصة البحث الذي قام كل من Shneidman وFarberow. وهذا منذ مدة طويلة حيث ربطوا اإلشكالية األساسية ب " سمات الحاجات التي تعود إلى قاعدة محبطة ". المقاربة األولى ركزت على مفهوم المعانات النفسية وكانت بمثابة المفتاح المساهم في فهم السلوك االنتحاري والقصد من ذلك وهو وضع المقارنة العقالنية في لب اإلشكالية للوصول إلى الدوافع األساسية التي دفعت بالفرد وجعلته يلجأ إلى نزع الحياة وحسب هذه النظرية فالفرد يملك مجموعة من الحاجات منها ما هو ضروري لحماية حياته ومنها ما هو مساهم أكثر في تحقيق ذاته فإذا كانت واحدة أو بعض من هذه الحاجات وخاصة الحاجة إلى حماية صورة الذات أو الحاجة إلى الحب كانت تشكل إحباط كبير للفرد وإلى حد أنه ال يوجد أي إرضاء من أي نوع كان كتعويض عن ذلك تظهر هذه المعانات المؤلمة المبرحة الغير مرغوب فيها والتي تأخذ شكال سريعا لحالة خيبة األمل وتبقى الموت هي الوحيدة المهدئة لذلك. المعانات وحدها غير كافية الستحضار االنتحار ينبغي إضافة تطور سيناريو االنتحار الذي يلعب دوربالنسبة لبعض القوى المراقبة الخارجة عن نطاق الفرد بحيث يبقى هذا السيناريو مرتبط بالدينامكية االستحواذية لرؤية في البعد وكأنه موجود في حفرة عميقة بعيدة عن الجميع وتظهر كمنفذ الوحيد الذي أصبح مستحبا. اقترح Shneidman األخذ بعين االعتبار التحليل النفسي للفرد انطالقا من نموذج ثالثي األبعاد وبالنسبة له هناك ثالثة شروط أساسية تسمح بالتحدث عن االنتحار :األلم النفسي العميق اضطرابات نفسية مسجلة وضغط مرغم لظروف الحياة. في حالة تدخل المعالج النفسي للتخفيف من حدة الخطر لواحدة من هذه األبعاد احتمالية تجنب تكوين الموت الفعلي

52 وهذا ما جعل Shneidman يضع عشرة سمات للشخصية وهي أساسية وجدها عند معظم الحاالت المنتحرة مع بقاءه متمسك بفكرة أن االنتحار يترجم عن وجود رغبة وإرادة وهو يبحث من جهة عن الحل لكن المنتحر لديه إحساس بأنه عاجز في طريق بدون مخرج )منفذ( مصاب بمعانات ال تطاق احباطات عميقة في حاجاته األساسية وأصبح يعيش خيبة األمل و مسي ر من طرف أفكار ثابتة كلها تقود إلى الموت..A,(2005) Holderegger ذكر دراسة قام بها.E,(1953) Ringel من خاللها توصل إلى مصطلح التناذر ما قبل االنتحار syndrome pré suicidaire وهذا المصطلح المشترك في جميع األمراض النفسية كم ا أن هناك عوامل مختلفة تساعد على ظهور هذه السيرورة النفسية منها اإلحساس المتزايد بالضغط : بصفة عامة وجود اإلنسان بمعنى ذلك وجود إمكانات متعددة لإلنجازات والتفتح واالنبساط لكن في فترة ما قبل االنتحار هذا الشعور يختفي ويبقى انطباع أنه مسجون في أحداث ال تقهر ويفقد مع الوقت حريته والفرد في مجابهة لحدث مؤلم كفقدان لشخص عزيز أو القدرات الوجودية وفي هذه الحالة فإن الوضعية الضاغطة هنا ال تقوده إلى االنتحار بل عكس ذلك تقوي ديناميكيات القوى النفسية وغزيرة حفظ المقاومة أو إعادة البناء من جديد. لكن إذا أضيفت الضغوط الخارجية إلى الضغوط النفسية هذا ما يطو ر حقيقة الميل إلى االنتحار عدوانية مكبوتة تنقلب ضد الذات : اكتشاف دور العدوانية في ظهور ميول للتهديم الذاتي ترجع إلى.S Freud والدراسات التجريبية أكدت على وجود عند كل فرد نزوة العدوان التي تتطلب التغيير عنها وجعله ملموسا ومحسوسا وبالتالي هذه النزوات العدوانية إذا لم تفرغ في الخارج سوف تتجمع ويمكن أن ترجع إلى الذات وهذا نتيجة الرتباطها ببعض الظروف التي دفعتها إلى ذلك كما يوجد مختلف األسباب التي تمنع وتكف من التعبير عن هذه العدوانية وهذا ما نجده في الشخصية التي يسيطر عليها أنا أعلى صلب يعيق من بناء خارجي للنزوة وأيضا ما نجده في األمراض النفسية

53 كاالكتئاب أو الوضعيات التي تعبر عن الفشل واالنقطاع التام عن المحيط كالسجن مثال وهكذا فاالنتحار هو فعل اعتدائي على الذات وهذا من وجهة نظر علماء النفس حتى وإن استغنين عن التفسيرات التي لها عالقة بالمحيط وهذا ما ركز عليه.K Menninger أي أن المنتحر من خالل هذا الفعل يقوم بتحرير النزوات إلنقاص من حالة الضغط التي يعيشها وهكذا فالعالقات اإلنسانية األصلية المبنية على ركائز صحيحة يمكنها تحطيم العدوانية الموجهة ضد الذات استيهامات االنتحار : ظهور استيهامات االنتحار كمرحلة واضحة تجعل من ظهور استعداد لالنتحار تستطيع تزويده معالم ليست مؤهلة خطر االنتحار إلى الفعل فالمنتحر يعاني من صعوبات في مجابهة وتقبل الواقع يجيب عن وجود غير مرغوب فيه ظهر من خالل استيهامات أو تخيالت ألدق التفاصيل للفعل كما يمكن أن يمس أي أحد في فترات نقص الثقة بالذات وأيضا تعب مرهق أو خمول وهذا تحت ما يسمى بالوهن اإلحباط حالة الفرد تنشغل باالنتحار بشكل حاد وما يميز حالة ما قبل االنتحار ميزة األفكار الملحة لالنتحار لكن تبقى دائما صعوبة حل وفهم ما يربط األفكار االكتئابية واستيهامات الموت وعندما تخترق هذه األفكار المجال العاطفي تصبح تعبر عن إشارة خطر حيث أن االندفاعات االنتحارية تستطيع أن تظهر وتؤدي إلى االنتقال إلى الفعل. ما نجده هو التأكيد على فكرة أن" التناذر ما قبل االنتحار" يتواجد عند جميع الحاالت التي أقدمت على الفعل االنتحاري بحيث أن هذا التناذر يتطور شيئا فشيئا منظما بذلك ثالثة عناصر أساسية : اإلرغام الموضعي والدينامكي العدوانية تنقلب ضد الذات استهامات االنتحار وهذا التناذر ما قبل االنتحار أخذ مكانة ودور كبير في التشخيص لهذه الظاهرة بالنسبة ألبحاث.E Ringel حتى أن التغير في التقييم األخالقي الذي وقع في سنة 5912 وخاصة ما جاء في أبحاث.E Ringel الذي أسس المؤشرات األولية حول الدينامكية النفسية واألزمة االنتحارية وفي األخير تعمقت أكثر وتطورت وباألخص من طرف Heinz Henseler فيما يتعلق بالتشخيص ثم بعد ذلك اقترح Walter Poldinger سنة 5911 نموذج يسمح بتقييم درجة خطر االنتحارية كما أكدت

54 اكتشافات.E Ringel مع وضع مسبق لكل مختلف درجات الميوالت االنتحارية من وجهة التدخل الطبي قسم Walter Poldinger بدوره ثالثة مراحل تمثلت في التأمل الرزانة والقرار. في المرحلة األولى تكون تحت تأثير بعض العوامل النفسية الدينامكية مثل العزلة االجتماعية الضغط االعتداء على النفس وخاصة إحساس بجرح نرجسي وفي هذه الحالة يبقى االنتحار قائم. اختيار االنتحار كمنفذ ممكن ومحدد بقوة بعوامل لها عالقة بالمحيط تاريخ العائلة وتبقى هذه المرحلة تشهد تناقض لتماسك الميوالت لكل من التهديم والبناء وهذا ما يجعل احتمالية عدم أخذ القرار الواضح في وضع حد نهائي للحياة لكن في حالة انقطاع العالقات مع المحيط واالبتعاد عن الذات يعتبر ذلك بمثابة بداية لسيرورة تأخذ الفعل كقرار حاسم وهذا بعد إلغاء التناقض الذي كانت تعرفه الميوالت بصمات الطفولة : األبحاث تؤكد على التأثير السلبي للبصمات المتبقية عن الطفولة في ظهور التناذر ما قبل االنتحار وارتفاع نسبة المنتحرين راجع إلى العوز النفسي في الطفولة وهذا ما يؤدي إلى وضع عالقة بين الضغط النفسي الطفولة وبين االنتحار الالحق وهذا ما جاء في تأكيده,)0221(.J Jacobs على أن نسبة %75 من األفراد المنتحرين الذين درست سيرتهم عاشوا في ظروف عائلية صعبة غياب في الطفولة عالقة متينة مع وجه أبوي تصبح عامل مؤكد في جعل صعوبات عالئقية الحقة وبالتالي فعالقة الطفل مع األشخاص األصلين )األب األم أو البديل( أساسية ولها أهمية كبيرة كما نجد نسبة %15 من األفراد المنتحرين حكمت على عالقاتهم العائلية بالعدوانية والتوثر : المشاكل الزوجية )مشاكل عاطفية التفريق... ) المكانة وقوة التماسك العائلي أخذت المكانة الثانية وبالتالي تبقى العائلة كعامل أساسي في التزايد الحالي الرتفاع المنتحرين فالعائالت المضطربة تخلق إشكالية االنتحار خاصة في غياب أحدهم أو رفض الطفل من طرف أبويه أو أحدهما

55 علم النفس النمو ركز على أهمية ثالثة عوامل التالية : الثقة االستقاللية والقدرة على المبادرة واعتبرها المهمة في تطور شخصية متزنة مستقلة واجتماعية لكن الصورة تصبح سلبية في حالة ما عرف هذا التطور صعوبات في المراحل الثالثة األساسية للشخصية والتي يمكن أن تقود إلى " التناذر ما قبل االنتحار". الحب الذي يحصل عليه الطفل يشكل قاعدة أساسية لإلحساس بالثقة ليس فقط مع الذات أيضا مع اآلخرين وفي الحياة عامة وهذا ما سماه,)5912(.E Herikson "اإلحساس اإليجابي بالحياة ".وهي قاعدة للشخصية السليمة على أساسها تبنى الشخصية وتستمر خالل كل األعمار في الحياة والثقة المكتسبة من الجذور األصلية هي التي تسهل االتصاالت مع الغير وتغذي العالقات المتينة جرح صورة الذات : فمن خالل النرجسية نجد التصورات العاطفية للذات حيث أن كل واحد يملك صورة لذاته واالضطرابات تحدث عندما تثبت وال تتطابق مع الواقع سواء كان احتقار الذات أو تقدير الذات ففي حالة نقص لصورة الذات فالفرد ال يستطيع الوصول إلى تقدير الشخصية وما نجده هو ميكانيزمات الرفض والتمثالت تضع مكانها تساعد على الهروب إلى عالم ال واقعي عدم تقبل خيبة أمل وفشل الفرد إم ا أن يكبت ذلك أو يلجأ إلى اإلعالء. الدراسة من خالل وجهه نظر الشعور بالذات في حالة الفرد المنتحر دلت على أن فكرة االنتحار تختلط بالنظرة إلى السالم األمن االنطواء تستطيع أن تجعله يلتجأ إلى الموت السلوك االنتحاري والشعور بالذنب : العديد من الدراسات التي أنجزت حول الدوافع الشعورية والالشعورية المؤدية إلى الفعل لكن ما لحظ هو أن الشعور بالذنب والخجل يلعب إال دورا ثانويا وما جاء في نظرية.S Freud "الحداد و السويداء" التي أسست على عالقة محصورة بين االنتحار واالكتئاب كالهما تعبير عن عدوانية موجهة ضد األنا تنقلب ضد الذات وهذه النزوة العدائية تحدث الشعور بالذنب تأنيب الذات احتقار الذات الذي يمكن أن تأخذ إلى االنتحار

56 من وجهة نظر النفسية دينامكية الشعور بالذنب يعتبر تقريبا ضروري ومهم في االنتحارية وبالنسبة للدوافع منها ما هو شعوري وهي الدوافع المفجرة فوريا إلى الفعل وهي بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس والدوافع الالشعورية والتي ترجع إلى السيرورة النفسية الدينامكية كل اإلحصائيات تؤكد على الصراعات بين األفراد وتأتي في المقام األول للدوافع الفورية لالنتحار ومن بينها : الصراعات العاطفية الصراعات بين الزوجين الصراعات العائلية والسبب في ذلك يرجع إلى التفريق الطالق أو الوفاة. وبالنسبة لوضعية الصراعات في الحياة العملية صنفها العديد من الباحثين ضمن الصراعات بين األفراد والتي ترجع في الغالب إلى الضغط من طرف السلطات العليا بين الزمالء ويبقى االنتحار نادرا خارج عن نطاق العالقات. وحسب % 1 Kurt Biener من المنتحرين لديهم اضطرابات عضوية مثل التشوهات التهاب السحايا المتقدم. يبقى تأكيد معظم الباحثين على أن الدوافع الالشعورية هي األكثر تقربا من األسباب الحقيقة وراء هذا السلوك االنتحاري. يرى,(140: M.CH.Brunel 2002) أن الشعور بالذنب يصبح يشكل صعوبة في قهره في حالة تواطؤ األنا األعلى- مثالية األنا هذه اآلثار تأتي لنا بالسويداء دون أن يون ذلك مركب والشعور بالخجل يرافق هذا التوظيف ويصبح حاد عندما الذات المزيفة تفجر كاستجابة لمتطلبات األنا المضطهد يصبح خطر االنتحار أكثر ارتفاعا المقاربة التحليلية أول مناسبة جمعت المحللين النفسانين في التفكير بصفة جماعية حول موضوع االنتحار في المؤتمر المنعقد سنة 5952 لمختلف المحللين النفسانين وكان تحت عنوان " االنتحار عند المتمدرسين ". حيث وضع S.Freud مقدمة لخص فيها هذه السلوكات من خالل دراسة إشكالية االنتحار مباشرة في مقالته " الحداد والسويداء " سنة 5957 واعتبر االنتحار شكل من أشكال العقاب الذاتي وهو رغبة موت مو جهة نحو الغير تتقلب ضد الذات أي أن هناك

57 أزمة نرجسية يعاني منها الفرد تتجلى في اضطرابا التوازن عنده بين العالم المثالي المنشود والعالم الواقع المعاش وركز على غرائز الحياة والنرجسية " المبالغة في حب الذات " بحيث تصبح هناك صعوبة كبيرة في تواجد القوى النفسية المساهمة في التهديم للذات. واألهم في تتبعه لدراسة حالة السويداء وهو ارتباطها بحالة فقدان شخص عزيز حسب هذا التحليل صورة الموضوع المفقود أصبحت مستدخلة وفي األخير تنقلب الميوالت الصادية ضد هذا الموضوع المستدخل مؤدية بذلك إلى السويداء وإلى االنتحار في حالته الحادة ( الموت الفعلي ). لكن في الواقع ال ينتحر الشخص وإنما في محاولة لتهديم السمات لشخص أخر الذي يعيش بداخل نفسيته.وفي الحداد يأخذ الفرد ذاته مقابل الموضوع وتعالج كموضوع سحب االستثمارات النرجسية لالنقالب ضد ذلك الغضب الصادي. و عولجت إشكالية االنتحار بتعمق كبير من طرف المحلل النفساني K.Menninger سنة 5931 بالنسبة إليه االنتحار هو نتيجة لنزوة الموت أو الميل إلى تهديم الذات لما هو موجود عند اإلنسان وبين أن هذا الميل يتواجد بدرجات مختلفة في مختلف السلوكات والحاالت الباثولوجية الذهان والفصام هي أمراض أين المريض يرفض من خالل نفي الواقع البقاء في العالم لذلك دائما يطلق على هؤالء الحاالت أنها تعيش في عالم خاص بها أيضا الحاالت المدمنة على الكحول هو سلوك معاقبة الذات ألجل تهدئة الذنب الذي ظهر من خالل االندفاعية العدوانية وفي نفس الوقت اعتبر الكحول كدواء لتهدئة المعانات النفسية. السلوكات التشويه الذاتي تظهر بشكل جلي وأكثر وضوحا أن هناك رغبة في الموت وفي المجمل يرى أن االنتحار انقالب ضد الذات لميل بيدائي لواجب القتل والذي يسرح دافع أكثر عقالنية وأكثر تفهما من طرف المجتمع. سنوات فيما بعد قام Otto Fenichel بتطوير فكرة سيطرة األنا على األنا األعلى في هذه الغاية بصفة ال شعورية لتهديم الوجه التسلطي.بالنسبة ل Rader هو سلوك التخلي المنتقم ضد من تركونا أو من هم في التهديد لفعل ذلك المحلل النفساني

58 األمريكي Kohut من جهته رأى أن االنتحار هو كنتيجة النفجار تماسك الذات بعد جرح نرجسي.وهناك البعض من رأى أن االنتحار تعبير عن رغبة الجتماع نرجسي في حقل االستهامات وهو مكان للهروب قبل البحث عن الرفاهية المفقودة. 6. العوامل األساسية المساهمة في االنتحار 1-6. العوامل النفسية إن جوهر الصح ة النفسية هو التكيف أو التوافق والشخص الذي يتمتع بالصحة النفسية نجده متفهما مع اآلخرين فضال إلى فهمه لنفسه وتقبله لها ومن بين العوامل النفسية المؤدية إلى االنتحار نجد : االكتئاب (1989),H. Ey, P. Bernard. C.H. Brisset المحللون النفسانيون يضعون على مركز الشعور أن حقل األعمال العدوانية يتحرر بسبب ضياع دوافع الحب وفي االكتئاب نجد أن العدوانية تلتفت نحو الذات باستعداد حقيقي لتحطيم األنا..S,(1917) Freud يسلم بوجود حركة دينامكية داخلية يظهر عن طريقها التعويض وهو عمل الحداد. حيث يمكن أن يكون ناتجا عن فقدان شخص عزيز أي مرتبط بتجربة بشخص يمثل جزءا من الواقع الخارجي وهو عمل الحداد عملية داخلية تتضمن نشاطا من قبل الشخص وما يدل على وجود عمل نفسي داخلي في الحداد في نظرFreud.S هو قلة االهتمام الذي يظهر اتجاه العالم الخارجي بعد فقدان الموضوع حيث يبدو أن أالم الشخص وذكرياته تستحوذ على كل طاقته حتى تأتي لحظة يضطر األنا إلى أن يقرر ما إذا كان يريد مشاطرة مصير الموضوع المفقود أو أن يقطع الصلة معه. وهذا مما يجعل المريض يتخلص من نفسه بسلوكه النفس عدواني إذ أن فكرة االنتحار متوفرة ألن كما يقول.S,(83: Freud 1917)" فقدان الموضوع يصبح فقدان األنا "

59 كما يضيف.C,)0250( de Tychey أن كل وضعية فقدان في الواقع والتي تؤدي إلى الكأبة تكون أكثر تقربا من خسارة للنرجسية. فتبقى الوسيلة الوحيدة هي اللجوء إلى الذات للتفريغ والتنفيس أي اللجوء إلى المحاولة االنتحارية. يعد االكتئاب من بين األمراض العصبية هو عبارة عن رد فعل من النفس إزاء حالة شديدة أو حرمان ناتجين عن حدث مفاجئ أو مصيبة أو خيبة أمل فالمكتئب يشعر بالضياع والعجز انعدام الثقة والتأنيب المستمر للذات مع فقدان الشهية وعند نشأة االكتئاب الذي يكون بصورة أقوى وأطول مما هو معتاد فإن نشاط الشخص المصاب بضعف من عالقته االجتماعية بحيث تتقلص وتنعكس على ذاته في خيبة أمل وعجز ويتجنب المكتئب التعبير عن العدوانية والكراهية إما بسبب شعوره الشديد بالذنب في التعامل مع الناس وخوفا من الرفض والنفور االجتماعي في هذه الحالة تسيطر على المكتئب أفكار مضمونها أن حياته عديمة الجدوى وغالبا ما تنتهي في الحاالت الشديدة باالنتحار ومن ثم فإن فقدان احترام الذات يبدأ في العدوان المباشر نحو الذات وهكذا فإن االكتئاب ما هو إال فشل في احترام الذات الذي بدوره يصبح االعتقاد القائم بأن الحياة خالية من أي معنى وال تستحق بأن تكون حياة واالنتحار احتمال وارد مع االكتئاب أ. النجار )5919( القلق ن. الرفاعي )5971( إن القلق والتوتر ال يؤثر فقط من الناحية الفيزيولوجية فحسب فهو يؤثر تأثيرا مباشرا وحاد على درجة االتزان النفسي والعقلي لإلنسان وكذلك على ردود أفعاله..S,(1951) Freud يؤكد من جهته على أن القلق هو عالمة الموت وفي التعديل الذي أجراه على النظرية التحليلية بي ن نوعين من القلق القلق الموضوعي وهو الخوف من األخطار الخارجية أي هناك إدراك لمصدر الخطر أما القلق العصابي فهو خوف غامض وغير مفهوم وال يستطيع الفرد الذي يشعر به أن يعرف سببه إال أن في كال

60 الحالتين هناك رد فعل الحالة للخطر والقلق يؤدي إلى الكبت وله وظيفة هامة في إنذار بحالة مقبلة حتى يستطيع األنا االستعداد لمواجهة الخطر. أكدت العديد من الدراسات النفسية أن بعض العوامل النفسية كالقلق تساهم إلى حد كبير إلى دفع الشخص إلى الموت أو بصفة أخرى إلى االنتحار أو محاولة االنتحار. كدراسة,)5914(.E Deutsch وقد أسفرت هذه الدراسة في األخير على أن القلق هو من العناصر الشخصية الهامة التي تدفع إلى محاولة االنتحار وهذا سواء تفاعليا أو عصابيا فهو يزيد من الصعوبات التي ال يستطيع الفرد تحملها وبالتالي نجده دون مقاومة مما يدفعه ذلك إلى السلوك االنتحاري الذي يتخذ معنى الهروب الصراع واإلحباط ع.م دويدار )5994( وجود الصراع ال يعني أنه شديد إال أن مجرد وجوده يعني أن على الفرد أن يتخطاه بطريقة أو بأخرى والصراع نوعان إما أن يكون صراع شعوري ويفطن الفرد إلى مصدره ويعرف بالتحديد طرق التغلب عليه أو الشعوري وهو ما ينجم عنه قلق غير محدد يتسبب في توتر في التفكير والسلوك. أما اإلحباط هو أنه نجد أن تواصل شيئا ما ثم تجد ما يعرقله فجأة بحيث ال تستطيع التقدم أو االنتهاء يتخذ الفرد أسلوبا جديدا لسلوكه عندما يقع في موقف محبط فهو إما يضاعف مجهوده للتغلب على مشكلته أو يحاول إشباع حاجاته بطرق أخرى بحيث يتفادى مصدر اإلحباط مثال الفتاة التي تبكي لوقوعها في موقف محبط وكان لبكائها وقع يعود عليها بالنفع فإن ذلك يكون أسلوبها في مواقف مماثلة فتستمر في الهروب من مواجهة المواقف المؤثرة أو تستدر العطف عند الحاجة وبذلك نستنتج أن بعض األفراد إذا ما أصابهم الذعر أو التوتر بسبب موقف ما فإن هذه الفئة من الشخصيات سريعا ما تلجأ شعوريا أوال شعوريا للتفتيش عن الحيل الهروبية المجدية التي تثبت فاعليتها المؤقتة في مواقف أخرى لتتخذها أسلوبا متكررا لالستجابة في مواجهة الموقف الحالي

61 العوامل االجتماعية يسعى الفرد دائما إلى إشباع حاجاته ودوافعه بتفاعله مع البيئة المحيطة به وذلك بطرق مقبولة اجتماعيا وغير أنه تعرقل عد ة متغيرات وعوامل اجتماعية عملية االشباع للدوافع والحاجات مم ا يعرض ذات الفرد إلى ألم نفسي ومشكالت سلوكية ومن بين هذه العوامل نجد البيت المتصدع د.عدنان ) 5911 ( يكاد يكون مفهوم البيت المتصدع من المفاهيم العلمية التي استخدمت على نطاق واسع رغم عدم وجود اتفاق بين العلماء حول ماهية البيت المتصدع إال أن المفهوم السيكولوجي يعني األسرة التي تضم الوالدين واألطفال معا إال أن النزاع هو ظاهرة مستمرة داخل األسرة حيث يصبح األطفال يعيشون تحت ضغط مستمر وهذا االضطراب يؤثر سلبا على شخصية األبناء ذلك أن األسرة المتصدعة تكون عاجزة عن القيام بمسؤولياتها اتجاه أبنائها وبالتالي أظهرت لديهم مشاكل نفسية مختلفة قد تصبح هذه المشاكل تصاحبهم مدى الحياة. كما يفسر بعضهم مفهوم البيت المتصدع بمفاهيم إجرائية محددة كتواجد حالة كحولية لدى األبوين إحداهما أو حالة االنحالل الخلقي أو اإلجرام أو القيم غير المقبولة اجتماعيا وتؤكد غالبية الدراسات النفسية واالجتماعية على وجود عالقة سبيية بين حالة البيت المتصدع في معناه االجتماعي على األقل وبين نشوء االنتحار حيث توصلت نتائج الدراسات الميدانية المقارنة التي تناولت دراسة أحداث محاولين االنتحار بغير المحاولين وذلك فيما يتعلق بعالقة البيت المتفكك بالسلوك االنتحاري على النحو التالي إن غياب األب بشكل خاص يؤدي إلى فقدان النموذج الرجولي الذي يرغب فيه الطفل الذكر أن يتبعه وأن وجود لمثل هذا النموذج يساعد البنت على رسم صورة المستقبل وجود األب أيضا يشكل صورة انضباط وحماية الطفل. ومن هنا نستنتج أن للسلطة األبوية أهمية في توفير األمن عند الطفل إضافة إلى حنان األم حيث يعتبران إحدى الركائز الضرورية للتوازن الجيد للعالقات األسرية ألن الشباب المحاولين النتحار عرفوا هذه السلطة بشكل سطحي لكونهم لم يعيشوها أو

62 عاشوها لفترة قصيرة. كما أن غياب األم خاصة خالل فترة الخمس سنوات األولى من حياة الطفل تساهم إلى حد كبير في اضطراب شخصية الطفل أو عرقلة نموه بشكل سليم فقد يقوده أحيانا إلى ظهور السلوك المنحرف. كما بينت دراسات,(1970).M Quidu أن معظم الشباب المحاولين لالنتحار قد عانوا من الحرمان األسري في طفولتهم التوتر العائلي ويقصد به الخلل أو االضطراب الذي يسود عالقات أفراد األسرة وسوء التفاهم بين الوالدين وانعكاساته السيئة على شخصية األبناء وتعتبر معظم الدراسات االجتماعية والنفسية في هذا المجال على أن مثل هذا التوتر العائلي المتمثل في العالقة السيئة بين الوالدين والتي تكثر فيها الشجارات قد تساهم في إقدام األبناء على محاوالت االنتحار. حيث تشير دراسة.J,.C Cordeiro (1975) أن معظم المحاولين لالنتحار ينحدرون من أسر متصدعة بالطالق أو تكثر فيها الخالفات كما ينعدم فيها فيها الهدوء واالستقرار والتفاهم ويفتقر فيها األبناء إلى التوجيه الوالدي. وتكاد تجمع معظم الدراسات حول التوتر العائلي على أن استمرارية الشجارات العائلية ال يؤدي إلى اضطراب وتصدع العالقة الزوجية فقط وإنما يمتد إلى انعدام الضبط األسري والرعاية والتوجيه وينعكس كذلك بشعور الفرد بالعدوانية أو الميل نحو العنف أو السلوك االنتحاري ولذلك فإن كفاءة األسرة في أداء وظائفها المختلفة يقوم بالدرجة األولى على مدى استقرار العالقات النفسية والمزاجية العاطفية بين الوالدين طبيعة العالقة بين الوالدين والطفل إن عالقة الطفل مع أحد الوالدين أو كليهما تشكل معالم الطريق الذي تسلكه عملية التنشئة االجتماعية المطلوبة وذلك من حيث ما تخلقه العملية من رواسب سلبية أو إيجابية ذات تركيز في بناء شخصية الطفل وتقدير مستقبله السوي أو المنحرف. هذه المشاكل العالئقية داخل األسرة قد أكدت بدراسات.F, Ladame (1981) على أن الشباب المحاولين لالنتحار كثيرا ما صرحوا على اختالل التوازن داخل األسرة سواء

63 من حيث غياب العالقات ال مباالة األب واألم عدم اهتمام الوالدين عدوانية األب واألم أو افراط في االهتمام حيث أن %42 من محاولي االنتحار شعروا بالرفض والالمباالة األبوية مقابل %02 الذين لم يحاولوا االنتحار %31 تلقوا افراط في االهتمام مقابل %02 لم يحاولوا االنتحار المعاملة الوالدية د.السيد و ف.أ محمد )5911( يرى كل منهما أن مثلما يكون الوالدين مصدر أمان وثقة وحب بالنسبة لألبناء فإنه يمكن أن يكون أيضا سبب خيبة أمل وذلك من خالل أسلوب المعاملة التربوية التي يتلقاها الطفل تلعب دورا كبيرا في التأثير على تكوينه النفسي واالجتماعي وباألحرى تكوين شخصيته. فإذا كان أسلوب المعاملة الوالدية يقوم على إثارة مشاعر الخوف وانعدام األمن فإنهم يعرضهم لالضطراب النفسي والتأخر في نواحي النمو المختلفة ويؤثر أيضا في صحتهم النفسية األمر الذي يجعل المعاملة الوالدية القاسية تساهم إلى حد كبير في إقدام األبناء على محاولة االنتحار سوء التوافق االجتماعي م.حجازي )5917( إن الفرد المحبط ال يتوجه بشكل نهائي نحو مشكالت سلوكية فهو يظل في صراع قائم بين التكي ف الذي يساعده على التأهيل واستعادة الثقة بنفسه والعودة إلى الحياة السوية إال أن األمر ال يستمر كذلك فأزمات التشاؤم والخور تظهر بشكل دوري مما يجعله يفقد الثقة بنفسه وينغلق على ذاته ويزداد توتره الداخلي وقد تتحول عالقته معهم إلى اضطهاد وعند هذا الحد ينهار كل شيء وبالتالي التفكير في االنتحار أو محاولة االنتحار

64 تغي ر األدوار,.A Holderegger (2005) يرى أن كل فرد يملك مكانة في المجتمع بصفة عامة وفي عائلته بصفة خاصة تتعلق بالحاجات القوانين الواجبات. كما تؤكد ذلك الدراسة التي قام بها كل من.J, P Gibbs et.w T Martin ( 1964 )على عد ة دول دلت على أن خطر االنتحار يكون أقل ارتفاعا عندما تكون قوة الفرد منظمة بشكل أحسن. الصراع بين األدوار يظهر مع صعوبة في التوفيق على سبيل المثال استجابة أحد األفراد مرة واحدة لرغبات وحاجات العائلية مسؤوليته في العمل القيام بكل متطلبات المنصب السياسي هذا ما يجعله عرضة الضطرابات داخلية واجهاد نفسي تأهله إلى وضعية الضغط. فالفرد يحاول أن يستعمل كل قواه تجاوز ذلك وعدم قدرته تقوده إلى االنتحار وهكذا فإن تعدد األدوار أو فقدان األدوار الخارجية يمكن أن يؤدي إلى ظهور نتائج سلبية عند الفرد نقص االتصال هناك عالقة بين االنتحار ونقص االتصال ألن االنتحار أو المحاولة االنتحارية في معظم الحاالت تعب ر عن نداء أو بطريقة أخرى هو البحث عن الحاجة والمساعدة وعدم قدرته على إيجاد القوى لتحمل الحياة مع عجز كل الوسائل األخرى التي تأخذ شكل آخر لالتصال يبقى لديه وسيلة وحيدة وهي التعبير بالجسد وبالتالي يبقى أكبر جزء لالنتحار المرغم يالحقه االتصال مع األصدقاء أو المحيط. 7. الدراسات السابقة حول االنتحار والمحاولة االنتحارية هناك العديد من الدراسات الميدانية في هذا الموضوع والتي ركزت بصورة كبيرة على الدراسات االيبستمولوجيا وعلى االسباب االجتماعية الثقافية النفسية التي تدفع إلى االنتحار دون االهتمام بالجانب السيكوباثولوجي المتعلق بالمنتحر في حد ذاته كونه كائن حي يملك بنية نفسية تتأثر وتؤثر في تداخل بطبيعة الحال بالعوامل االجتماعية و

65 الثقافية وفي بعض الحاالت تكون هذه االخيرة عوامل مفجرة أعطت أهمية لهذه الجوانب نجد : ومن بين الدراسات التي.1-7 دراسة,E. Durkheim (1987) تعتبر دراسة.E Durkheim عن االنتحار من أهم دراساته التي تمثل البحث السيكولوجي الذي يقوم على أسس نظرية واضحة حيث لحظ أن نسبة االنتحار تختلف من جماعة ألخرى ولذلك أخد على عاتقه أن يفسر هذه االختالفات االجتماعية التي تمكن وراء اختالف نسب االنتحار وتعد هذه الدراسة أول نموذج متكامل للبحث االجتماعي خالل الفترة التي ظهرت فيها ونتبين منها براعة.E Durkheim في استخدامه المنهج اإلحصائي وقدرته الفائقة على تدعيم موقفه النظري بالبيانات والشواهد الواقعية وما انطوى عليه تحليله دالالت فلسفية وإيديولوجية. وقد بدأ دركايم دراسته بتعريف ظاهرة االنتحار بأنها تشير إلى جميع حاالت الموت التي تكون نتيجة مباشرة أو غير مباشرة لفعل سلبي أو إيجابي قام به المنتحر نفسه وهو يعلم أنه سيؤدي إلى هذه النتيجة كما يوضح أن معدل االنتحار يختلف من مجتمع آلخر وفي المجتمع نفسه مع اختالف الزمن وتقوم الدعاوي األساسية عند.E Durkheim في تفسير االنتحار على أن التكامل االجتماعي قوة الروابط االجتماعية التي توجد بين أعضاء المجتمع يؤثر في احتماالت حدوث االنتحار. حيث يرى أن الكاثوليكية تؤدي إلى تكامل اجتماعي أكثر مما تؤدي إليه البروتستانية التي تتميز بالطابع الفردي كما أن شعور اليهود باالضطهاد يجعلهم يرتبطون بروابط توحدهم وتؤلف بينهم كما أن وحدة المجتمع تكون أعظم في أوقات الشدة والحروب بعكس الحال في أيام السلم ويالحظ.E Durkheim أن التكامل االجتماعي يكون أقوى في المناطق الريفية إذا قورن بالتكامل في المناطق الحضرية كل ذلك وغيره من االختالفات التي يمكن إدراكها عن طريق البحث في التكامل االجتماعي تنعكس في االختالفات التي تظهر على نسب االنتحار ويتخلص القانون الذي وصل إليه.E Durkheim في االنتحار في أنه إذا ازداد التماسك والتداخل الديني والعائلي والسياسي قل االنتحار وإذا وهن كثر االنتحار أي أنه إذا كان الدين أكثر ضبطا لروابط األفراد

66 وسلوكهم قلت نسبة االنتحار وإذا كانت قبضته ضعيفة زادت هذه النسبة وإذا كانت العائلة متماسكة مترابطة قلت نسبة االنتحار وإذا انحلت أو ضعفت روابطها زادت هذه النسبة وإذا كانت الدولة من الوجهة السياسية متينة البنيات مستقرة األساس قلت نسبة االنتحار والعكس إذا سادتها الفوضى دراسة حول انتحار الشباب من سنة بوهران )2115( هذه الدراسة أجريت بمركز البحث في األنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية CRASC وذلك تحت إشراف األساتذة الباحثين وهم األستاذ معتصم ميموني بدرة األستاذة كبداني خديجة األستاذ ميموني مصطفى األستاذة سبع فاطمة الزهراء. إشكالية البحث ربطت االنتحار والمحاولة االنتحارية باألنوميا E.Durkheim وأعطت أهمية لذلك وركزت على أن عدم استقرار المجتمع مرتبط بشروط سياسية وأمنية جعلت من تواجد فقدان الثقة بالنسبة لألفراد ومجموعات من المجتمع والميل إلى اإلنطواء على الذات واإلبتعاد عن كل ما يتعلق بالتفاعل االجتماعي وأيضا البعد االقتصادي واالجتماعي الذي فرض هو اآلخر تفتح الجزائر على العالمية وما حدث هو ازدياد الحاجات والطلبات التي فاقت حدود المستهلك وأمام حاالت العجز عن تحقيق ذلك خلق حالة من التناقض وهذه األخيرة جعلت الفرد يعيش في حالة من التوتر وعدم الرضى أدى إلى اضطرابات توازنه وأمام كل الوضعيات المحبطة التي تجعل الفرد غير قادر على مواجهتها فبالتالي االنتحار يظهر عند هؤالء الشباب كمنفذ نهائي فاالنغالق عدم الرضى عدم األمن انخفاض أكثر فأكثر العالقات مع األفراد فقدان المرجعية التقليدية العائلة الموسعة الجيران كل هذا يجعل الفرد يعيش في عزلة وحياة مملة فإمكان ذلك أن يسهل إلى االنتقال إلى الفعل ويصبح حينئد االنتحار الحل الوحيد. فالشروط االجتماعية االقتصادية والسياسية يمكن أن تأخذ بعض األفراد إلى اإلنتقال إلى الفعل كما أن عدم القدرة على التصدي للوضعيات التي تفوق بعض األحيان القدرات الدفاعية للفرد تستطيع أن تأتي سواء من انخفاض عتبات التحمل الفردي أو عن زيادة التحريضات الخارجية القاسية. ثم بينت الدراسة ضرورة فحص الظاهرة من جوانب ثالثة: فردية اجتماعية

67 وثقافية وانتهت بطرح التساؤالت التالية ما هو معنى االنتحار عند الشباب من سنة في الجزائر حاليا إذا كان االنتحار أو المحاولة االنتحارية رسالة موجه ة إلى المحيط وإلى المجتمع فما هو محتواها وما هي داللتها ما هي نتائج المحاوالت االنتحارية بالنسبة لألشخاص المعنيين والمحيط الوالدين- االخوة...إلخ وإلى المجتمع ككل. كيف يعيش المجتمع هذا الحدث المأسوي وكيف يحاول الخروج منه أسفرت النتائج على تعدد العوامل المسببة لإلنتحار لكن مع بقاء هذه الظاهرة تعتبر عن خيبة أمل. االكتئاب ونقص االتصال على مستوى المحيط العائلي أيضا الفشل الخوف من المستقبل ونقص االتصال والعاطفة كل هذه الوضعيات اعتبرت أنها المسؤولة على االحساس باالنعزال العاطفي واالجتماعي المحاولة االنتحارية أصبحت الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الوضعية الصراعية وعند البعض هذا يمنح تحرير الضغط االنفعالي وتكون بذلك البحث أكثر عن وضع نهاية لهذه الوضعية المعاشة الغير محتملة أكثر من أن تعبر على البحث عن الموت الحقيقي. ومن خالل دائما النتائج نجد المحاولة االنتحارية واالنتحار الفعلي في المجمل يمس كل من المراهقات %75.40 المراهقون %41.75 الراشدين النساء %01.17 والرجال %1.17. وهكذا ظهر بوضوح ازدياد نسبة اإلناث وهذا ما يد ل على أن المراهقات والنساء يلجأن كثيرا إلى االنتقال للفعل مع افتراضهم لذلك إما أنهم أكثر هشاشة أو إم ا يرجع إلى مكانة المرأة أقل حرية الحمل الغير الشرعي. ومن خالل قرأتنا للبحوث والدراسات النفسية المنجزة في الدول األوربية والتي أعطت أهمية للجانب النفسي المتعلق بالمحاول لالنتحار والسيرورة الدينامكية المفسرة للجوء الحاالت إلى هذا النوع من السلوك ومن بين الدراسات السابقة المنجزة في إطار التحليل النفسي والباثولوجي نجد :.0-7 دراسة,E. Birot et P.Jeammet (1994) كان لديهم هدفين من هذه الدراسة الهدف األو ل في إرجاع المحاولة االنتحارية في مجمل التوظيف العقلي وأيضا وضعية الفرد بالنسبة لوظيفته في االقتصاد النفسي

68 L économie psychique أم ا الهدف الثاني هو الكشف عن ما يوجد في التوظيف العقلي لهؤالء الحاالت يجعلهم مهيئين لهذا األسلوب من اإلجابة نحو الفعل بمعارضة مع صراعية تبقى نفسية داخلية وبالمقارنة مع أساليب أخرى لالنتقال إلى الفعل لكن يبقى لدي هم االحتفاظ بفكرة أنه احتمال كبير في أن تكون هناك تنظيمات. ولهذا درسوا مجموعة من 549 محاول لالنتحار يتراوح سنهم ما بين ومجموعة للمقارنة اخترت من بين الذين جاءوا لالستشارةconsultation وموضعون في نفس السن. المجموعة األولى تحتوي على 32 شخص يتحدثون بتلقائية مع أفكار انتحارية لكن لم يقدمن على أي محاولة انتحارية المجموعة الثانية تحتوي على 12 شخص لم يقدمن على أي محاولة انتحارية ولم تروادهم أفكار انتحارية. حيث قاموا بتقويم أربعة أنماط من المعطيات علم النفس االجتماعي شروط المحاولة االنتحارية المظاهر التشخصية والمظاهر النفسية المرضية. وما كان يهمهم في هذا اإلطار من العرض هو دراسة مجموع من المتغيرات النفسية المرضية التي تأخذ معنى االنجراج النفس ي Une vulnèrabilité psychique التي تظهر في هذه الدراسة كتعبير عن صعوبة في الجهاز النفسي تأخذ دورها في تكي ف الفرد في سجل مزدوج لحاجاته ورغباته وضغط المحيط هذه السمات للتوظيف النفسي توجد في مستويات مختلفة ومتكاملة في التنظيمات العقلية تكون فعال متظمنة لقدرة الجهاز النفسي لالستجابة لصدمات خارجية كفقدان أو التفريق أيضا تظاهرات داخلية التي تشهد إمكانية غير منظمة لالستيهامات الالشعورية كصعوبة على تحمل وتنظيم النكوص وسمات التوظيف النفسي سواء كانت في مجملها نقص في فعالية عمل ما قبل الشعور تقديم صعوبة في االستمرارية عدم تصو ر أو تمثل الصراع النفسي أو بكفيه أكثر نوعية في طبيعة ميكانزمات الدفاعية التصو رية التي تأخذ المعنى الخارجي للصراع تجنب اسقاط انشطار نفي والتي تنعكس أكثر أيضا على ضعف الميكانزمات التي تشارك في عمل اإلرصان والتثبيت النفسي وأخيرا حتى تنظيمات الجهاز النفسي سواء كانت على مستوى نقاط منظمة للنمو قلة التثبيت الشرجي خاصة في الغلمة الذاتية أو تنظيمات أوديبية نفسها دور أقل منظم لألوديب. إلى كل هذه المعطيات أضفوا أهمية استيقاظ الصراعات في المراهقة والتي كان تحليلها كانعكاس

69 لهذه القابلية لالنجراح في الجهاز النفسي إلى تحول الصراعات إلى الكمون. ونتائج هذه الدراسة توصلت إلى وجود قابلية لالنجراح النرجسي Une vulnèrabilité narcissique خاصة عند أغلبية المحاولين لالنتحار. قورنت بمراهقين آخرين الذين قدمت لهم استشارات من طرف الطب العقلي وقد وجدوا عند هؤالء أيضا قابلية لالنجراح النرجسي باإلضافة إلى مجموعة من المعطيات جمعت من خالل المقابالت العيادية واالختبارات االسقاطية التي ترجمت هذه االضطرابات في التنظيمات والتماسك في صورة الذات احتقار الذات ال وجود ألمن داخلي نقص الثقة بالذات واآلخرون وهذه الهشاشة النرجسي ة ترجع إلى أخذها قسط كبير من عدم القدرة على تحمل الفقدان والتفريق كاستيقاظ للصراعات في المراهقة وعدم القدرة على تنظيم االستيهامات وكل هذه التوابث نجدها قدمت بكثرة دراسة أقيمت بطريقة معمقة فحصت ما يربط االنتحار باالضطرابات الحاالت البينية.B,(1997) Brodsky أثبتت هذه الدراسة على أن االندفاعية السم ة الوحيدة لالضطرابات في شخصية الحاالت البينية مع إلغاء معايير التحطيم الذاتي التي ترتبط بعدد مرتفع من المحاوالت السابقة لالنتحار. وبعد مراقبة التشخيص الذي ظهر من خالله وجود لالكتئاب وفساد الماهية وجد ارتباط بين التاريخ الطفولي القاسي المؤلم وعدد المحاوالت االنتحارية دراسة تربط المرض العقلي بالسلوك االنتحاري (1999),J.J Mann أقيمت هذه الدراسة على عينة تحتوي على 347 من المرضى العقلين بقسم الطب العقلي بنيويورك في البحث عن مؤشرات تكون مهمة على السلوك االنتحاري يعتقد أنها سلوكات تشخيصية ألن بعض التشخيصات أظهرت قوة الضغط le stress أقل ما هو استهيائي Diathése كالميوالت نحو التكبر في التمثالت واالندفاعية االنتحارية. المحاولة االنتحارية ال يتوقع أنها ترتكز على تشخيص واحد. بما أن السلوك االندفاعي هو السم ة

70 األكثر بروز في اضطراب شخصية الحاالت البينية ومن هذه المعلومة لجأ إلى تفسير وشرح ارتفاع النسبة المئوية للمنتحرين ينشأ هنا مع اضطراب الحاالت البينية دراسة حديثة بينت أن االضطراب الضغط بعد الصدمة له عالقة باالنتحار (1999),C. Zlotnick هذه الدراسة بينت أن االضطراب الضغط بعد الصدمة فساد الذات وهو اضطراب مفج ر مساهم بكثرة مرتبط بسلوك تشويه ذاتي مستقل بفعل أن الفرد مشخص مع اضطراب الحاالت البينة أو اضطراب الشخصية الالجتماعية. باإلضافة إلى وجود مستوى قوي في التفكك مرتبط بتشويه ذاتي..7-7 دراسة استعادية بالماضي (1999),D. West et Al Retrospective تطرقت هذه الدراسة إلى االستعانة بالماضي ل 517 مراهق قوة الربط بين مستوى منخفض لإلحساس باألمن عرضية اكتئابية والسلوك االنتحاري هذه المقاربة أظهرت خصوصيات هامة في القياس أين سمحت بفضل ساللم تقويم طبيعة التعلق التي قامت ببرهانة تباثه ووضعت صل ة بين اضطرابات األمراض العقلية وخصوصية التنظيمات للعالقة بين الطفل ومواضيع التعلق كما وصفوا أيضا استقرار نمط القلق في الحياة بينت أيضا قوة التنظيمات الروابط في الطفولة كذلك أكدوا على أن مهما كانت أهمية العالقة بالرفاق إال أن الوجوه األبوية تبقى المصدر األول لألمن في الوضعيات الضيقة Détresse كما أن معظم المراهقين تبت عندهم االحتفاظ بأوجه القلق. وهذا ما يؤكده كل من,(1991) M.Weiss و,(1993) P.C.Smith أن االكتئاب يستطيع تشويه إدراك طبع األمن لألباء مع العكس صعوبات التعلق تخلق هيئات ال تكيفيه وترجع المراهق قابل لإلنجراح مع استجابات خطيرة في حالة صعوبات عالئقية..8-7 دراسة استقبالية ),L. Wichstrom Prospective 2000 ( احتوت هذه الدراسة على 9179 تلميذ بينت أن أحسن مؤشر للمحاولة االنتحارية عند كل من اإلناث والذكور هو وجود اختالل في النمو البلوغي أي بلوغ مبكر لدى

71 اإلناث وبلوغ متأخر لدى الذكور. وما يخلق صعوبات عند المراهقين راجع إلى اختالل في النضج الجسمي مقارنة مع الرفاق. وما يد ل على وجود محاولة إنتحارية وهي األفكار اإلنتحارية. وغياب هذه األخيرة يأخذه إلى اإلكتئاب وهذا ما هو متوقع وما أشار إليه.L Wichstrom عدم القدرة على العيش مع األباء وهذا ما يجعله يحس بعدم القيمة..9-7 دراسة (2004), H. Bénony et J.P, Marnier اإلشكالية األساسية لهذه الدراسة هي فهم المحاولة االنتحارية عند المراهقين والعالقة مع التكرار والمنهج هو دراسة الحالة مع استعمال اختبار الروشاخ. أسفرت النتائج على أ ن المحاولة االنتحارية المتعلقة بالتكرار لهذه الحالة سجلت في إطار التوظيف البيني Fonctionnement limite وذلك من خالل العدوانية الموجه ة نحو الذات كوسيلة لتغيير العواطف السلبية الحادة والتصدع ات في عمل التفريق/ التفردية Séparation / individuation تحركت من خالل البلوغ آليات دفاعية بدائية االنشطار و اإلسقاط الحاد المواضيع الداخلية غير مستقرة مع هدم مهدد من خالل قلق عميق لفقدان الموضوع. األحداث النفسية ارتبطت بالجنسية الالشعورية والقيمة المرتفعة لالستثارة وبالتالي الحالة أنقصت من عمل االتصال النفسي وفضلت الرجوع إلى الجسم بهدف طرد وإبعاد كل الصراعات النفسية دراسة (2004),M.Emmanuelli دراسة اإلشكالية االكتئابية واالنتقال إلى الفعل االنتحاري من خالل دراسة حالة باالعتماد على االختبارات االسقاطية الروشاخ وTAT عانت هذه الحالة لفترة معينة من اضطراب إكتئابي حاد والذي أدى بها إلى القيام بعدة محاوالت انتحارية عاشت صراعات عائلية التاريخ العائلي جد معقد سواء من طرف األب أو األم خيبة أمل كبيرة وتقل لجروح نرجسية مما أدى إلى إحياء صعوبات مع أالم متكررة تمركز جزئي حول مصادر داخلية لديها قدرة كبيرة على التعاطف D empathie التي جعلها

72 تحس وتدرك ما يحس به اآلخرون لكن تبقى في مجابهة لكل ما يؤدي إلى إيقاظ هشاشتها نقص الثقة بالذات تخوف من النقد القلق من عدم امتالكها لشيء جيد المرتبط بالقلق االكتئابي والخوف من أن تفقد مواضع الحب. سيرورة التفريق األم / البنت بقيت مستمرة واإلشكالية األوديبية الحالية مجمدة في موضعها مع إمكانية استئناف تطويرها. فالحالة سجلت في التوظيف البيني الذي يكون حاليا التنظيم الشخصية ويبقى االرتباط يتعلق بصعوبات التفريق ( األم ) والذي أشار إلى وجود القلق الحاد

73 8. الدراسة اإلحصائية بما أن المحاولة االنتحارية ظاهرة نفسية اجتماعية حاولنا جمع اإلحصائيات لتوضيح نسبة التزايد و االرتفاع المستمر. ولهذا قمنا بعرض مفصل لهذه اإلحصائيات للمحاوالت االنتحارية المسجلة في سجالت المرضى الموجودة بمصلحة االستعجاالت الطبية للمستشفى الجامعي لوالية وهران. مررنا بمراحل عديدة حتى وصلنا إلى مرحلة أساسية وهي التحليل ثم وضعنا ذلك في جداول توضح أكثر فأكثر عدد المحاوالت االنتحارية من سنة إلى أخرى ومن شهر إلى أخر وفي هذه الدراسة اإلحصائية أخدنا عشر سنوات من 0223 إلى غاية كما أخدنا بعين االعتبار التوزيع حسب الجنس ( الذكور واإلناث( وأيضا التوزيع حسب الفئات ونسبة المحاوالت االنتحارية من شهر إلى أخر وهذا التزايد المستمر من شهر جانفي إلى غاية شهر ديسمبر خالل كل السنوات توزيع الحاالت المحاولة لالنتحار حسب الجنس )الذكور واإلناث( السنوات الجنس اإلناث الذكور الجدول رقم )1( التعليق : ما الحظناه في نتائج إحصائيات المحاولة االنتحارية عند الذكور واإلناث هو االرتفاع المتزايد لإلناث وبنسب متفاوتة من سنة إلى أخرى. من 0223 إلى غاية 0250 سجل االرتفاع عند اإلناث بنسب كبيرة عن الذكور يرتفع بمقدار مرة واحدة مرتين إلى أربعة مرات أقل نسبة سجلت في سنة 0229 بمجموع 353 محاولة وأكبر نسبة سجلت في سنة 0221 بمجموع 153 محاولة

74 11 أما الذكور أقل نسبة سجلت في سنة 0229 بنسبة حالة وأكبر نسبة قدرت ب 517 حالة سجلت في 0224 الشكل رقم )1( رسم باألعمدة يبين نسب التفاوت بين الذكور واإلناث توزيع الحاالت المحاولة لالنتحار حسب الفئات عند اإلناث السنوات الفئات الجدول رقم )2(